للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقلامنا سقت عليه ناسفًا ... على خد أعلى الطرس كم فيه ترصع

وقد خدمت هذه المحابر والأقلام القصب العلماء المتقدمين، وجاء من بعدها أقلام تعبأ بالحبر الأزرق ولكن الأقلام القصبية لها دور فعال، وكان الأدباء والعلماء من يدخر قلمًا، وأوصى العالم عبر عبد الرحمن بن علي بن الجوزي بأن يسخن ماء تغسيله إذا فارق الدنيا بعلامات أقلامه، فوجدوا منها كمية زادت عن المطلوب، وانتشرت مؤلفات كبار العلماء كالإمام أحمد بن حنبل والشافعي ومالك باستخدام هذه الأقلام القصبية، كما أن مؤلفات شيخ الإسلام تقي الدين وابن القيم وابن رجب وعلي بن عقيل بالأقلام القصبية السيالة، ومن نظر إلى مؤلفات عماد الدين بن كثير وتفسيره للقرآن وتاريخه ومؤلفات موفق الدين بن قدامة، حتى قيل أن كتاب الظنون لابن عقيل يبلغ ثمانمائة مجلدًا وقيل أربعمائة، ومؤلفات الحافظ بن حجر العسقلاني، والفخر الرازي، والزمخشري، والحسين بن مسعود البغوي والبخاري وشروحه، وعمدة القاري، وفتح الباري، وهداية الساري، ومؤلفات بن مفلح وصحيح مسلم وشروحه، وابن الاثير كأسد الغابة، وجامع الأصول، وكتب اللغة القاموس المحيط، ولسان العرب، وتاج العروس وغيرها من كتب العلماء فإنه يرى من العجائب بركة الله تعالى في نشرها، ولكنها تباع بأسعار باهظة، وسمعت بأن جامع العلوم والحكم لابن رجب بلغت قيمتها اثني عشر ريالًا وكانت إذ ذاك تلك القيمة قد تشتري بها بيتًا لسكنه، بل زادت قيمة هذا الكتاب عن اثني عشر ريالًا إلى زيادة وزنتين من القهوة البن، وثوب وشماع، ورأيت كتاب الكبائر للعلامة الذهبي مكتوبًا بقلم جميل، وقد ملك هذا الكتاب الفقير إلى الله محمد بن عمر بن سليم، ونصيحتي لطالب العلم أن لا يغير كتبه، فقد لا ترجع إليه في هذا الزمان، ولما نشأت المطابع في أول الأمر لا تستطيع التأشير بالحبر الأحمر ويعتذر أربابها عن قيامها بهذا الغرض، ولكن مع تطوير الصناعات وتقدم العلم بها، استطاعت ذلك وأتت بما ينبغي الإتيان به تعذر الأمر عنه، وفي هذا الزمان جلبت الكتب وطبعت، وكان لها طور عظيم، واستطاعت الأمة