وكان قد اعتصم بمخبأه واحتمى بدروعه وهم ثلة من المغترين به وشعبه يتضور من مرارة العيش وسوء الحال، وكانت أمريكا قد عاملته تلك المعاملة وإن كانت تستطيع القضاء عليه لتذيقه الحسرات ومرارة الحياة، وكلما أنشأ أسلحة ضد الجيران أتت عليها ودمرتها وهو ينظر إليها، قال الله تعالى:{كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}[البقرة: ١٦٧].
وفيها لا تزال العمال يكدحون في عمارة المسجد الجامع الكبير في مدينة بريدة، وقد أحضرت المعدات والتركتورات والشيولات وآلة الحفر وما يطلبه الوضع، وقد استهلت هذه السنة والأمم لا تزال في زعازع وقتال واختلاف فهذه مصر يجري فيها تفجيرات وألغام قد تكون بمن كان يسكنها من غير أهلها، وأفغانستان بينهم فتن وشر مستطير، والجزائر في حالة سيئة، والمسلمون يعذبون في الهند بكشمير من الهندوس، والصومال كما ذكرنا، والعراق كما مرَّ معنا، واليمن يشكون من الجوع والفقر، وبما أن مئات الألوف منهم كانوا يعيشون في السعودية سابقًا فقد رجعوا إلى بلادهم اليمن عاطلين عن العمل، وعمّان الأردن في حالة قلة فيها الألوف عاطلين عن العمل، وهم في حالة جوع وإملاق، قد انقطعت مصالحهم التي كانوا فيها.
ولما أن كان في يوم الثلاثاء ٩/ ١ أطلقت أمريكا أيضًا ثلاثة صواريخ من طراز كروز من مياه الخليج على محطة الرادار العراقي فدمرته تدميرًا، وكانت هذه الصواريخ تضرب الأمثال بقوتها وشدة تدميرها وعجائب هدايتها إلى نفس الأهداف التي أرسلت عليها، ومن سوء حظ العراق أنها وجهت صاروخًا على طائرة ظنًا منها أنها أمريكية، فلما وقعت على الأرض محترقة إذا بها عراقية، فأصيب بخسائر أولًا وبتدمير أميركا موضع الاستخبارات في العراق، ثم دهم محطة الرادار العراقية ثم إحراقهم طائرتهم غلطًا، وهذه من النكبات التي عوقبوا بها بشؤم خياناتهم ومكرهم واعتدائهم، ولا تزال أمريكا تمحق الأسلحة العراقية وتدمرها علنًا على رغم أنوفهم، وتذيقهم أنواع الانتقام والإهانات والتضييق