أوامره منفذة، وسيرته حميدة، وكان في الوكالة معه الشيخ عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ثم إنها شغرت وظيفة رئيس الإشراف على الحرمين الشريفين بعدما رفع الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد إلى أن يكون رئيس المجلس الأعلى للقضاء في العاصمة الرياض بعهد إمام المسلمين خالد بن عبد العزيز الملك العادل، ذلك لأنه راجح العقل، وينزل الأمور منازلها، كما جعل الإمام الملك خالد وزير للعدل إبراهيم بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ، فصدرت الأوامر بنقل الشيخ بن حميد إلى تلك الوظيفة، ولم تجد الحكومة لرئاسة الحرمين غير الشيخ سليمان بن عبيد، وذلك لما كان يختصه الملك فيصل بن عبد العزيز للمشاورة والاستئناس، لأنه حظي في القرب من الملك فيصل لما رأى حسن سلوكه وقلة مشاغبته، ورضا الجميع عنه، فلبث المترجم في الرئاسة للإشراف على الحرمين، حتى أقعده الكبر، وطلب من الملك فهد بن عبد العزيز الإحالة على المعاش والتقاعد، فعطف عليه وأكرم مثواه بالإجابة إلى طلبه، وكان المساعد للشيخ سليمان فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله بن سبيل، وهو الذي تولى رئاسة الإشراف على الحرمين، ثم إنه لما استراح من الأعمال أصبح يصيبه الدوار، وقد تصيبه بعض الأحيان قلة الذاكرة، ثم إنه توفى في هذه السنة عن عمر يناهز الرابعة والثمانين وأربعة أشهر، نسأل الله تعالى أن يعلي منازله في الجنات العلى، وفيها النعيم المقيم، وإنها لخسارة عظيمة أن يصاب الإسلام بمثله، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وبما أنه صديق لنا وزميل في الدراسة على مشايخنا، فإني أحببت أن أرثيه بهذه المرثية، وهي غيضٌ من فيض:
سلامٌ من الرحمن للحبر ذي النهى ... فما هو عن أسبابها متخلف
عليه سلام الله أزكى تحيةٍ ... وروحٌ وريحان يبدو ويعطف
وإني وإن كنت الذي لا يهمني ... فراق بني الدنيا إذا هم تخلفوا
ولكنني والله ما زلت باكيا ... وأندب أخلاقًا لها الموت يخطف
فهذا صديقٌ مخلصٌ بوفائه ... وهذا قريبٌ بالفجيعة يؤسف