هناك تضييق شديد على المسلمين، فهاجر الحاج نوح مع جميع أبنائه ومنهم محمد ناصر الدين بدينه إلى بلاد الشام لما ورد فيها من فضائل ومناقب في السنة النبوية، وهناك استقر بهم المقام، ومنها بعد خمسين عامًا هاجر إلى عمَّان عاصمة الأردن، وتلقى تعليمه الأساسي في دمشق عاصمة سوريا، مستفيدًا من الشيوخ وأهل العلم، وأحب علم الحديث النبوي في مقتبل عمره وبواكر شبابه، وذلك حين اطلاعه على مقالات علمية للشيخ رشيد رضا المصري في مجلة المنار، ونقدًا لروايات واهية ذكرها أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين، وقد أجازه الشيخ محمد راغب الطباخ مؤرخ حلب ومحدثها بمروياته المجموعة في ثبته المسمى الأنوار الحلبية في مختصر الأثبات الجلية، وذلك لما رأى نبوغه ورغبته العالية في تحصيل العلوم والمعارف الحديثة، ابتدأ التأليف والتصنيف في العقد الثاني من عمره، فكان من أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل والفقه المقارن كتاب تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، وهو مطبوع مرارًا، وكان من أوائل تخاريجه الحديثية المصححة، أيضًا كتاب الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير، ولا يزال مخطوطًا، تولى تدريس مادة الحديث النبوي في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة إبان افتتاحها مدة ثلاث سنوات من ١٩٦٠ م، مما كان له بسببه أعظم الأثر في إيجاد نهضة علمية حديثة، وكان رحمه الله قد حصل عليه مضايقة في بلده.
وفيها وفاة الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله وعفا عنه، وكان من تلامذة الشيخ محمد أمين الشنقيطي العالم المشهور صاحب التفسير أضواء البيان، وكان هو الذي أكمله لأن الشيخ رحمه الله لم يتمه بل وقف قبل تتمة القرآن بثلاثة أجزاء، رجعنا إلى ترجمة ناصر الدين الألبان وإكمالها:
فأقول: إني رأيته واجتمعت معه في أيام الموسم، فكان يلقي دروسه على الحاضرين والمستمعين وأمامه خمسة سجلات، أحدها يراقب كلماته والبقية ترصدوا فوائده، وكان في زمن الشيخوخة ضعيف البنية، ولكنه يتمتع بقوته