وأبراج وقلاع، مهيأة للحرب، وجعل في أعالي حيطانه مصاليت ومعدات للقتال، وأودع فيه محلات المالية ومجابي التمور والحبوب والأسلحة، وفيه مجالس واسعة وخزائن وسجون وجميع ما تحتاج إليه هذه الإمارة، وكان هذا القصر محكم البناء بالنسبة إلى بناء البلد منيعًا جدًا وقد زاد على حيطانه حائطًا بعد حائط من يتولى بعده من الأمراء، ويسكن هذا القصر أمير بريدة الموجود فيها، وإذا قدم جلالة الملك إلى القصيم فإنه يسكنه وموضعه في وسط البلد، وقد هدم ما حواليه من الجهات الأربع ليكون متحدًا وحده فلا يتصل به مساكن، بل كان كل ما يليه فسحة يقدر ميدانها من كل جهة، بستين مترًا وقد رأيت جدار حسن بن مهنا لما هدم الأمير عبد الله بن فيصل بن فرحان ركن القصر الشرقي الجنوبي لما كان أميرًا في بريدة لإنشاء بعض غرف فيه، فوجدته في غاية القوة والإحكام لا تكاد المعاول والفؤوس تهده.
وكان الأمير إذ ذاك في عنيزة زامل بن عبد الله آل زامل قد استقل كل منهما في بلده، وقد تحسنت العلاقات بين أمير بريدة وأمير عنيزة.
أما محمد بن رشيد إذ ذاك فإنه يبرم حيلته في ضم القصيم إلى ممالكه لكنه لفضل سياسة ودهاء كان متصفًا بهما لا يظهر ما يؤثر على الأميرين، وقد قام بعد ذلك يتحرش بأهل القصيم.
هذا وقد استقر الشيخ الإمام محمد بن عبد الله بن سليم في بلدة بريدة، وذلك كما قدمنا أنه نفي منها إلى عنيزة، نفاه منها الأمير حسن لما أوعز إليه بعض جلسائه بذلك، وأشار عليه بجلب عالم في العراق معروفًا عند الأشقياء، فقيل إنها ذرفت عينا الأمير حسن وخاف من جلب عالم أجنبي يفسد عقائد أهل القصيم، وقال لقد نفيت ابن سليم لهوى نفسي فأعاده إلى بريدة مكرمًا وتولى قضاءها.
ونزيد المقام أيضاحًا فنقول: لقد دبر أحد أمراء القصيم رجلًا معينًا لقتله فكان يرصد له في الطريق، وكلما أراد أن يتقدم لاغتيال الشيخ يصيبه رعب شديد يحال بينه وبينه، فلما أن اطلع الشيخ محمد بن عبد الله على جلية الأمر وأخبره ذلك