ولما مات والده الإمام كان ولي عهده غير إنه حصل اختلاف بين أبناء فيصل، وعظم الشقاق كلٍ يخطب الملك لنفسه، فشمّرت الحرب عن ساق بينه وبين أخيه سعود، فكان لكل واحد أعوان وشوكة، وكان الإمام عبد الله قصير القامة، وكان لسعود هيكل عظيم، ويعجب الأعراب من قائدهم أن يكون له شخصية بارزة، فالتف إلى سعود جمع غفير، وإذا كان القائد ذا هيكل عظيم وكان شجاعًا مع ذلك كان موضع إعجابهم، واستمرت الفتن حتى مات سعود بن فيصل، فقام أبناؤه خلفًا في شقاق عمهم والوقوف في نحره، حتى تشتت الشمل واختلفت الكلمة، واشتدت البلية، وعظمت الرزية، وتضعضع الملك، واجتمع على الإمام عبد الله خلاف عشيرته ومنازعة ابن رشيد له ومقاومته ومضادة آل مهنا، حتى أصبحت إمامته منغضة عليه وقد ناصر آل عليان على ضدهم آل مهنا فلم تنجح المسألة بل حصل على مقاومة آل مهنا، فأثر ذلك أحقادًا في صدورهم لآل سعود، أضف إلى ذلك أن الإمام عبد الله قد أبعد بعض المنتسبين إلى العلم، وقدم عليهم ضدهم وأصغى إلى نصح من لا ينفع نصحه، وبعث يستنجد الدولة العثمانية على أخيه سعود.
ولا شك أن هذه زلة منه والله يعفو عنه، فمناصرته لآل عليان وهم مغلوبون أثار عليه أحقاد آل مهنا، فكانت مراجل حقدهم لا تزال تغلي عليه وحالفوا محمد بن رشيد فكانوا يدًا واحدة عليه.
وأما الشقاق الذي حصل بينه وبين أخيه وبنيه فإنه كف بساط ملكه عن غالب نجد، وكانت فرقًا وظهور محمد بن رشيد بمطامعه وسياسته ضعضع ملك آل سعود، وآخر أمره حبس فاستنجد بمحمد بن رشيد فأنجده وقتل أبناء أخيه غدرًا، ولما أخرجه من السجن بعث به إلى حائل كأسير، ثم رده إلى الرياض ليعيد له الإمارة فمات ولم يحصل عليها.
ولما مات عبد الله بن فيصل وانتقل إلى ربه، كتب الإمام عبد الرحمن بن فيصل وهو إذ ذاك مقيم في الرياض إلى محمد بن رشيد يخبره بذلك ويسأله أن يعزل عامله