منها أنه دخل عليه رجل يجر خصمه، وكان خصمه مضحكًا وصاحب مجون فشكاه صاحبه يقول أيها الأمير كنت نائمًا في الصحراء فجاء هذا وبال في فمي، والتفت إليه الأمير معبسًا وسأله: مالذي حملك على ذلك؟ فقال إنه كان فاغرًا فاه ولم أرى الرجل بل رأيت هذا الحجر المظلم فحسبته جحرًا حقيقة، وهذا الذي قدر الله أيها الأمير، فضحك لذلك ضحكًا شديدًا وقال حسبنا الله عليكم يا أهل القصيم فضحتمونا بالأجانب وتهدد المجرم لأن لا يعود إلى مثلها:
ولما كان بعد أيام وافق أن جاء أعرابي يسأل هذا الماجن تنباكًا أعني دخان فأجابه نعم لدي تنباك ولكنه لا يوزن وزنًا ولا يكال كيلًا لأنه طيب بل أبيعه سيجاير الواحدة بنصف ريال، ففرح الأعرابي وأخذ واحدة ليتمتع بطعمها وريحها، وكان ذلك الماجن قد حشاها بارودًا سدها من جهة طرفيها بتبن، فأصبحت السيجارة ملح بارود لا أقل ولا أكثر، ولما ناوله إياها جعل يوصيه بأن لما يخبر به آخذًا فإنه لا يبيع هذا المال لكل أحد، ولما أن ذهب ذلك الأعرابي فائزًا بطلبه وأوقدها كعادة شارب الدخان، نسأل الله العافية، انفقعت عن نار أحرقت فمه وخياشيمه، فرجع إلى صاحبه مشوهًا يقول اذهب معي إلى الأمير ليرى ما صنعت فقال له صبرًا أتريد بارودًا مني أم تنباكًا إنا لا نبيع التنباك ولا أحلله بل أمقت شاربه، اذهب معي يا خبيث إلى الأمير امش إلى حسن ليرى خبثك، قم بنا إليه فخجل الأعرابي وخاف وشرد من بين يديه مغتنمًا السلامة.
رجعنا إلى أعمال الأمير حسن بن مهنا فنقول كان مولعًا بركوب الخيل والمسابقة وكان غالب مجالسه معمورًا بالقهوة العربية البن وله همة بتفجير العيون وإنشاء الآبار العظيمة ولا تزال باقية إلى يومنا هذا، وبنى قصورًا من أعظمها قصر الحكم في بريدة.
ولما جرت واقعة المليدا كانت أولا الهزيمة على ابن رشيد وذويه فقنع بها زامل أمير عنيزة وأشار على الأمير حسن بالرجوع ويكفي العدو ما جرى عليه فأبى حسن وأجاب بأنه لا ينكف حتى يقضي على ابن رشيد، فمأتم له ذلك، وأبى الله