عدوًا جديدًا لأهل بيته، وهذا العدو وهو عبد العزيز بن عبد الرحمن الذي قام يشمر عن ساق الحرب ويريد هذا المغتصب لديار أبائه وأجداده، ولما أن تعاقد مبارك وعبد الرحمن على هذا الأمر، دعا به مبارك وأدخله خزائن مملوءة بالبنادق والبارود والسلاح والنقود والفلوس، وبعد ما أطلعه عليها قال: اعلم يا عبد الرحمن بأني أقسم بعزة الله وقدرته لأحاربن ابن رشيد ما بقي من هذه فلس، فاشتد عضد عبد الرحمن، وخرج بجيش من الكويت فأغار على عشائر قحطان في روضة سدير ومع أن الدولة تجهز على ابن صباح والأخطار محيطة به فإنه لم يفقد من عزمه شيئًا ولا تسأل عما فيه من الدهاء وحق له أن يسمى الحواقة فإنه قدر رمي بشبكتين في بحر السياسة دفعا للحرب واستعداد لها.
ثم إنه بعث إلى ابن رشيد نبأ يفاوضه في السلم والصلح فأبى الصلح وتجبر وعتى هذا وأبو عجيمي يطارده بعشائره، وكان ابن رشيد قد وصل أطراف العراق وهزم أبا عجيمي فبعث أبو عجمي إلى مبارك يستنجده ويطلب المدد، فعند ذلك جهز مبارك جيوشًا وخرج يقودها بنفسه، وقعد أخوه حمود، ثم إنه نزل الجهرى.
ولما أن رجع عبد الرحمن بن فيصل من غزوته، أرسل إليه مبارك أن لا يقدم الكويت ولا يشاهد عائلته، وكان له بذلك مأرب من السياسة، فقدم عليه عبد الرحمن بن فيصل وكان معه مبادرًا إلى نجدة أبي عجيمي، وزحف بجنوده إلى السماوة متتبعًا ساقة ابن رشيد التي هزم أبا عجمي، وبلغ في إغارته أطراف العراق، وكانت الحملة التي جهزتها الدولة لحرب ابن صباح قد تأنت في المسير وأبطأت وذلك لكمال حظ مبارك بن صباح، فلبثت ستة أشهر بين بغداد والزبير كل هذا لعل الأمر ينقضي قبل وصولها، وأيضًا فإن الدولة تستجلب في عدم السرعة زيادة الأطماع التي بذلت لها من غير حسبان، ولما بلغ مبارك في زحفه ما بين الزبير والخميسية مانعت حكومة البصرة من سيره، فاستغرب ذلك مبارك وطلب مقابلة الوالي فوافاه إلى قرب الزبير، وبعد المفاوضة أذن لأخيه حمود وعبد الرحمن بن