عبدان، ولم يكن في زمانهما أحسن منهما خطًا، وقد بسط الله عليه الرزق في النصف الأخير من عمره، فكان يتمنى أن لو كان ذلك في حياة والده ليواسيه ويوسع عليه، وكان يأكل من كسب يده وعنده ثروة عظيمة، ويبذل الأموال في سبيل الخير والإحسان وصلة الأقارب، وله مقامات في الإحسان.
ولما كانت سنة الجوع كان إذا خرج من بيته إلى السوق يحمل على رأسه أوعية التمر (الزبلان) فيها التمر والدقيق ويوزعه على من مرَّ به من الواقعين على ظهر الأرض من الجوع، وذلك سنة ١٣٢٧ هـ، وله مقامات ومبشرات كثيرة بأنه من أهل الجنة بسبب شكره لنعم الله وإنفاقها في سبيل الخير. وكان محافظًا على الصف الأول في الصلاة ولم تفته تكبيرة الإحرام عشرين سنة، وله عادات مستحسنة، فكان يفطر الصوام في شهر رمضان، ويرسل بالطعام إلى المعتكفين في العشر الأواخر منه، ويكثر من ذبح الأضاحي، وكان مكرمًا لأولاده وأحسن تربيتهم وقدمهم لتعلم القرآن والسنة، وإذا رأى منهم مجتهدًا فرَّغ باله وتكفّل له بطلب معيشته وجعله يشتغل بالعلم، وله معرفة بشراء الكتب ومطالعتها ويقدّم كثيرًا منها لأبنائه، وكان مولعا بتلاوة القرآن ويحب الشعر والحكمة.
كانت وفاته، رحمه الله، في آخر رمضان سنة ١٣٥١ هـ وله من العمر أربع وثمانون سنة، وعمر المؤلف حين وفاة والده سبعة عشر عامًا، وعدد أولاد عبيد اثنا عشر، سبعة من الذكور وهم: عبد العزيز فلما توفي صغيرًا ولد ابن له آخر فسماه أيضا عبد العزيز وتوفي كذلك صغيرًا، وعبد الرحمن ومات في حياة والده سنة ١٣٣٧ هـ، وعبد المحسن وتوفي بعد والده بثلاث عشرة سنة في سنة ١٣٦٤ هـ، وفهد وتوفي سنة ١٤٢٢ هـ، وإبراهيم وهو المؤلف، ومحمد ولا يزال حيًا وعلى ذكر حسن وإقبال على العبادة وزهادة في الدنيا مع كثرة