المسبة بين الفريقين والاعتزاز والتعيير مناولةً من أعالي السطوح، وما زالت الحامية تدافع حتى نفد ما عندهم، وكان ابن سعود ينادي الأمير ويتهدده ويتوعده بقوله: يا ابن ضبعان أي شيء تريده من ابن سعود حينما قمت تشاقه في ملكه وملك أبائه وأجداده، فتوكل على الله وارحل فإنك مخطئ، آثم، ، اخرج فلك عهد الله وميثاقه، لأن خرجت لأمننك في نفسك وأهلك ورجالك، فقد رانه في ليلة ثالث عشر ربيع الثاني قدم فارسان من ابن رشيد معهما، كتب لابن ضبعان يحثه على الثبات، ولو ليلتين فإنه جاءه بالعساكر، ولما أن قرب الفارسان لإلقاء الكتب من أعالي حائط القصر، لأن القوم محصورون، رآهما رجل سعودي يدعى أبو قيان فكشفهما في الساعة التي ألقيا الكتب فيها وسقطت في العراء ولم تصل، ولما أفشى أبو قيان خبر الفارسين إلى ابن سعود فتشت الكتب فعلم بعد ذلك أنهما ناديا الحامية وما سمعهم وما علموا بها ولا بالخبر وإلا فلو علموا لثبتوا إلى آخر رمق، ولكن هذا لحسن حظ ابن سعود.
ولما أن كان في ليلة ١٥ ربيع الثاني، سلّم ابن ضبعان في الساعة الثالثة ليلًا وجعل ينادي: أين ابن سعود يكلمن؟ فأجابه نعم وما لديك يا عبد الرحمن؟ فقال يا أبا تركي نحن أعذرنا من معزبنا ولم يبق لنا أمل في المقام، فتكلم عبد العزيز يقول: يا أبا عبد الرحمن إن ابن رشيد ذهب وخلى سبيلك فليكلمني معك فلان وفلان فكلموه وطلبوا منه أن يعطيهم عهد الله وميثاقه على دمائهم ورحلهم غير الحلقة والسلاح، فأعطاهم ذلك ونزلوا بوجه الله ثم وجهه، فنقضوا سد الباب وخرجوا آمنين، ووفا بعهده ووعده، وكان خروجهم صبيحة تلك الليلة بعدما ضبط ابن سعود السبل كلها عند خروجهم خشيةً من دسائس العدو، وتم لابن سعود الاستيلاء على القصيم، ولقد كان في استيلائه على نجد مع ما كان لابن رشيد فيها من القوى والعدد والعدة وماله من شدة الفتك والصف من أعظم آيات الله تعالى، وكان قد جرى له فرص يمكنه أن يتدارك الملك قبل ذهابه، ولكن كيف يصنع وسوط القدر يسوقه إلى مراد الله، ومن كان مثله، فإنه لا يملك في الغالب.