وقام بعده بتوسيعه الأمير بيبرس سنة ٧٠٩ هـ، ثم الأمير علاء الدين أقبغا سنة ٧٤٠ هـ، وما زال في التوسعة حتى تضاعفت مساحته، وكان له خمس منارات، ويتألف من مقصورتين، إحداهما هي التي أنشأها جوهر، وبها ٧٦ عمودًا من الرخام الأبيض، والأخرى أنشأها عبد الرحمن كتخذاي وبها ٥٠ عمودًا، ويبلغ عدد أعمدته ٣٧٥، وله تسعة أبواب، ولقد أوقف الأزهر لطلابه الأمراء مثل الناصري والسلطان قانصوه وغيرهم قناطير العسل ومئات الدنانير وكمية من السمن والحلوى وغير ذلك، وبلغ عدد طلبة الأزهر في إحصاء سنة ١٢٦٨ هـ ٥١٤ و ١٧، أما المدرسون فيه فإنهم ١٢٢٠.
ولما قدم إلى مصر جمال الدين الأفغاني ١٢٨٢ هـ وأعاد إلى مصر دراسة الحكمة والبيان والكلام، لزمه المترجم، وكان أنبغ تلاميذه وأحرصهم على ملازمته والاستفادة منه، ونال درجة العالمية سنة ١٢٩٤ هـ، واختير سنة ١٢٩٥ هـ مدرسًا للأدب والتاريخ العربي بدار العلوم ومدرسة الألسن، ثم اختير لإصلاح لغة الوقائع المصرية، ثم صار رئيس تحريرها، وفي هذه المدة جعله رياض باشا مراقبًا على كتابة الجرائد وتحريرها، وحدثت عقب ذلك الثورة العرابية ونفي من مصر إلى سوريا، لأن الشبهة أحاطت بعنق المذكور وحوكم وحكم عليه بالنفي المذكور، فتولى التدريس بمدارس سوريا، ثم انتقل إلى أوربا فالتقى بجمال الدين الأفغاني، فأنشأ معًا جريدة العروة الوثقى، ثم عفا عنه الخديوي وعاد إلى مصر قاضيًا بالمحاكم الأهلية، ثم مفتيًا للديار المصرية، وتولى التدريس بالأزهر، وإليه يرجع الفضل في إصلاحه، وما زال كذلك حتى توفى في هذه السنة.
وقد رثاه الأستاذ محمد بك حافظ إبراهيم بهذه المرثية العظيمة:
سلامٌ على الإسلام بعد محمدٍ ... سلامٌ على أيامه النضرات
على الدين والدنيا على العلم والحجي ... على البر والتقوى على الحسنات
لقد كنت أخشى عادي الموت قبله ... فأصبحت أخشى أن تطول حياتي
فوا لهفي والقبر بيني وبينه ... على نظرةٍ من تلكم النظرات