درجة من الشجاعة الهوجاء، فهو الجبار العنيد وذو البطش الشديد، ولد في أوائل ١٢٧٤ هـ قبل وفاة والده باثنتي عشرة سنة، وقال عنه القائد التركي لا شاهد تلك الجرأة والبسالة: هذا فارس كعلي بن أبي طالب في الشجاعة لا غير، ولا أظنه سمع بقول القائل:
الرأي قبل سجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثاني
ولم يكن على شيء من السجايا التي تحبب القائد إلى رجاله والحاكم إلى رعيته، بل كان جبارًا عنيدًا عتيًا لا أثر للخوف في قلبه ولا شيء من الرحمة والحنان، أضف إلى ذلك أنه قطوب عبوس كثير التلثم، فسمي العبوس المتلثم الذي قلما يتبسم.
فمن عنفه وشجاعته أن رؤيته تذيب الأبطال وذكره يزعزع الرجال، وقد يقتل ذكره، ونحن نسوق شيئًا من عجائب سطوته، فإنه كان في أيامه رجلٌ يكاتب ابن سعود، فعثر رصدته في بعض الأيام على كتاب هذا الرجل، فأخذوه وقدموه إلى ابن رشيد، فلما علم بموضوعه بعثه مع خادم وقال للخادم ألقه بين يدي كاتبه، فعجب لذلك الخادم وسأله مستفهمًا أيقتله؟ قال بل ناوله كتابه وأئتني، فذهب وعمل بأوامر سيده، ولما فتحه ذلك البائس إذا بكتابه الذي بعث به إلى ابن سعود قد وقع في يد ابن رشيد فانزعج لذلك وانقطع قلبه فمات، وذلك لأنه علم أن ابن رشيد قد اطلع على موالاته لعدوه، وسيعاقبه على ذلك، وما كان لأحد أن يجيره منه فمات لذلك.
ولما انهزم مرةً، ذهب إلى جهة حائل فنزل ضيفًا برجل في إحدى قرى حائل ومع خمسة من رجاله، فغيّر هيئته وأخفا خبره لأن لا يعرفه ربّ المنزل، ولا قدم المضيف طعام العشاء، قام على رؤسهم يروحهم، وكان كهلًا كريمًا، فأخذ ابن رشيد يحادثه على غير معرفة قائلًا له: يا رجل هل سمعتم عن هذا الظالم ابن رشيد، إنهم يقولون أنه انكسر وظهر عليه ابن سعود، فأخبرنا عن الأخبار وما جرى لهذا الفاجر، فتخلل صاحب المنزل بلسانه وأجاب بقوله: أبشرك بأن الله خذله، فلعل الله أن يريح منه المسلمين، فقد طالما كانوا في أذى منه، فأجابه قائلًا: يا