للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى عسكر ابن رشيد فيعيد الكرة عليه ابن رشيد وصاحبه الباشا، وقد كان عبد العزيز بن سعود صريحًا على عادته فقال للفاروقي، إذا سرتم إلى المدينة رأسًا رحلنا جنود العراق وإذا حدتم عن الطريق ذبحناهم، وسنكون عالمين بمسيركم.

ثم دعا عبد العزيز شيوخ حرب إلى مأدبة طعام صنعها، وكانوا هم الذي قد حملوا العساكر، فقال لهم: أنتم الذين حملتم الترك من المدينة وأنتم الذين ترجعونهم إن شاء الله، وستبقون عندنا إلى أن يصلوا سالمين، فقامت حرب وحملت العساكر برجالهم وعتادهم على الجمال وارتحلوا، وبعد أسبوعين جاء رسول إلى ابن سعود يقول: إنهم اجتازوا الحناكية ورحلتهم المدينة فأمر إذ ذاك أن تجهز العساكر الذين في بريدة، فرحلوا على ركائب آمنين شاكرين إلى العراق فلما أن مضى شهران من تاريخ رحيلهم جاء الجواب من السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد شكرًا للأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن على معاملته عساكر الدولة تلك المعاملة الشريفة ويسأله أن يرسل أحد رجاله لمقابلته، فأرسل جلالة الملك إلى السلطان عبد الحميد صالح العدل مصحوبًا برفيقين إلى الأستانة، فنزلوا ضيوفًا عند الحضر الشاهانية وتكلم الوزراء معهم بكلام سياسي لم يثمر شيئًا، ولم يجيبوا عليه بشيء، وصالح العذل هذا كان شيخًا نبيلًا اختاره عبد العزيز للرسالة، وكان صامتًا قليل الكلام، ولما سئل بعد ذلك: هل سررتم في الأستانة؟ قال ما سررنا بشيء مثل سرورنا يوم رحلنا منها.

وقد قال الشيخ سليمان بن سحمان حسان السنة في وقته قصيدة في ذكر مآثر الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن وأفعاله الحميدة في الإسلام وذلك لما جاهد الترك تلك المجاهدة وصابرهم ودافعهم بالمخادعة والإرجاف وأخافهم بالتهديد والوعيد والإرعاب حتى أذلهم الله وردهم خائبين، وبالذل والهوان راجعين فرحلوا عن القصيم وعلموا أن في الحياض من يذود عنها، كلا والله إن منال الثريا لأسهل من منالها والتدرع بالأكفان دون التدرع بوصولها وعناق القنا دون عناقها والأخذ بذراع الأسد دون الأخذ بساقها: