للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجرت زيارة (١) ومواصلة وإقبال على العلم عظيم ولما كان عود الشجا في حلوق المنافقين توصل أعداؤه بمسبته إلى الأمير محمد بن عبد الله بن رشيد في زمنه فأجابهم يقول: إن ابن دخيل هو الذي رفع بواجب حقكم وإلا فبلدكم اسمها الذنب فسميت بسببه المذنب وكان الأهالي يذبحون كل ليلة لطلاب العلم الأجانب كبشين، ولقد تصدق بعض الأجواد بثمانين لباسًا من السراويل للغرباء ألقاها في سطح المسجد الجامع في أيام الصيف ولم يعلم به أحد وسبب ذلك أن فقيرًا من الطلاب انكشف فخذه وهو نائم فراءاه ذلك الجواد وتصدق بهذا القدر والله لا يضيع أجر من أحسن وبذلك تعلم إلى أي حد ما بلغ التدريس والجد والاجتهاد في ذلك الزمان، وكان يشجع بعضهم بعضًا ويتواضع بعضهم لبعض ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ويصبرون على مرارة العيش ويكابدون قلع الفيافي ومشاق السفر ولا يضجرون.

هذا وما كان هناك مكافئات ولا أرزاق لهم تصرف من بيت المال بل كانوا على بركات الله يسيرون ولا عنده يطلبون وكان الدافع لهم حسن نية وعقيدة.

وأنا أذكر لك مثلا هوان رجلا من الطلاب سافر لطلب العلم من إحدى قرى القصيم إلى الرياض وكان يحمل مزودًا على ظهره فيه كتبه وأوراقه وغالبها خط يد فلما كان في أثناء الطريق ضربه المطر بأرض لا ملاذ فيها ولا مخبأ ولا مناص غير أنه سلم لقضاء الله وقدره ولما سئم من السير حافيًا لأن نعليه مزقهما الماء آوى إلى شجرة فنام إليها وتوسد مزوده ولما أن برق الفجر قام من نومته بعدما أنهكه التعب فذكر الله تعالى وتوضأ من غدير حواليه وصلى ثم نزل ضيفًا على قوم وفتش في مزوده وإذا لم ينمح منه شيء.


(١) وقد كثرت الزيادة بين الإخوان من طلاب العلم في حائل والرياض والقصيم ويجتمع الأحبة إذ ذاك فيتفاوضون في البحث في مسائل العلم وتذكر السلف الصالح والعبادة والزهد وكان الوقت إذ ذاك قابلا للبحث والمناقشة في العلوم النافعة ويجتمعون في محبة الله عز وجل ويتفرقون على ذلك.