سعود معذرين بأن أبا الخيل مستولي على البلد بمن معه من رجال ابن رشيد وأنه إذا انسحب يعنون ابن سعود من جوارها يكون لهم قدرة على أن ينهضوا على أميرهم ومن معه من شمّر، مع العلم بأن آل مهنا فيهم حقد على آل سعود، وقد ملّ أهل بريدة إمارتهم وظلمهم، ولكنهم في وقت الحال لا يستطيعون أن يقاوموا أميرهم ويتخلصوا منه فبهذا لا يعينون عدوه عليه، بل كانوا يومًا معه ويومًا عليه، وإذا كان الأمر كذلك فإنهم ظلوا حينًا يخدعون ابن رشيد إن خافوا منه، ويخدعون أميرهم، كذلك وحينا يخدعون ابن سعود، هذه خطة أهل بريدة في إمارة أبي الخيل، وليس هذا بعذر بل الواجب عليهم إذا ابتلاهم الله بأمراء يخرجون عن طاعة ولي الأمر ويتمردون عليه كما مر في كتابنا وقبله لا يلتفتون إلى معصية أميرهم للوالي بل ينفضون أيديهم منه ويقومون ضده ولا يكونوا مذبذبين، فلوا فعلوا ذلك ولا أقل من أن يكونوا على الحياد مع الأمير لاستفادوا راحة لأنفسهم وأمنا على أموالهم، كيف لا وفيهم إذ ذاك الوقت رجال أكفاء يستطيع واحدهم أن يكون باقعة يوقف كل معتد على حده، ولكن ما الحيلة وهم في طبائعهم وسبحيتهم على عدم الخلاف لمن تآمر عليهم، ومع الأسف لم يكونوا يعرفون الطريقة التي تصلح أمرهم مع الإمام الأعظم غير أنهم استفادوا ما ذكرنا في السنة الآتية وبيضوا وجوههم في معاملة ابن سعود وصلح أمرهم معه حتى حصلوا منه على غاية الثقة والولاء.
رجعنا إلى ما فعل بهم ابن سعود بعصيانهم وعلى نفسها تجني براقش.
فنقول: لما كانوا منه في شبه حصار قام من كان في بريدة من شمّر عائبين على سلطان بن رشيد في انهزامه وطلبوا منه أن يعود إلى بريدة فبادر الأمير سلطان وزحف من حائل حتى دخل بريدة ليلًا وأخذ وأبا الخيل يتبادلان الرأي فيها.
وعندما علم ابن سعود بقدومه مشى إلى عنيزة وتقدم منها حتى كان على قدر مسافة ساعة من بريدة، فالتف إليه عربانه الذي فروا فيما تقدم، وقد كان ابن رشيد في زحفه لمناصرة أهالي بريدة مرَّ في مسيره على رعاة لابن سعود، ففاجأهم خيله، فأخذتهم وغنمهم ابن رشيد.