فقال مخاطبًا لعبد العزيز أنت ولدي وهل يقبل الولد أن يهان أبوه فقال عبد العزيز وقد خجل لا والله ولك مني ما تريد إني ملب الطلب إن شاء الله ولكنني أسأل والدي أن يمهلني لأستنجد أهل نجد فما معي الآن غير مائتين من رجالي أما العشائر فلست براكن إليها في القتال؛ فأجابه مبارك قائلًا إني أجند من الكويت الجنود الكافية ولا أبغى منك غير القيادة، فأجابه عبد العزيز قائلًا إذا أنت باشرت التجنيد فابن سعدون قريب منا وعالم بأخبارنا وأعمالنا أجمعها فهو إذ ذاك يتأهب لنا ولا ريب عندي أن شواوي رعاة المنتفق كلهم سيلتفون حوله، فأمهلني سلمك الله ومن رأيي أن تسير قوة صغيرة مع أحد أنجالك فتبعد عن أطراف الكويت وتتربص للهجوم على ابن سعدون إذا تفرقت عنه عشائره وسننال مرامنا منه بحول الله؛ فلما قال عبد العزيز هذه المقالة لم يوافق عليها مبارك بل أصر على تجنيد الجنود وعلى خروج ابن سعدون معها فوافق عبد العزيز مكرهًا.
فقام مبارك في هذه السنة فألف جيشًا عدده ألفان من الحضر الشبان الناضرة وجوههم النادرة شجاعتهم، وأربعة آلاف من البادية ومائة وخمسون فارسًا أضاف إليه عربان ابن سعود والباقين من رجاله فبلغ عدد الجيش كله نحو سبعة آلاف يقوده جابر بن صباح، فلما زحف هذا الجيش وبعد على مسافة يوم من الكويت جاء رجل من كبار عرب الظفير ليسأل ابن سعود أن يتوسط بينهم وبين ابن صباح وقد أكد له ابن السعدون وعرب الظفير يقبلون بذلك فأشار عبد العزيز بإلزام جابر الصباح بعد ما عرض عليه الأمر، فكان جوابه لعبد العزيز أن قال إني لا أعهدك جبانًا فما هذا منك فغضب عبد العزيز وقال سترون غدًا الجبانة وتعرفون أين هي، فاستمروا ذلك اليوم سائرين وواصلوا السير بالسرى.
وكان سعدون باشا لما علم بزحفهم بادر بعشائره بالسير نحوهم يريد الهجوم وقد كان عدد جيشه نحوًا من جيش مبارك وكل جيشه كان من عشائر المنتفق والظفير والبدور وغيرها وأكثره خيالة؛ فنام عربان سعدون في الطريق لكنهم عندما أحسوا بقرب الكويتيين استيقظوا وهبوا وتراجعوا إلى مقر القيادة كي لا يتصادموا وإياهم ليلًا.