حمل على الأتراك فأخذ من إيطاليا سلاحًا فاستخدمها نارًا وسياسة، فاضطرت الحكومة العثمانية لأن ترسل قوة إلى عسير فتوجهت النية إلى اختيار قائد ما فعينت سليمان باشا شفيق فتوجه المذكور فوصل إلى عسير بجنوده وسعى لإخماد الثورة بسلم فلم يفلح فطلب ما طلب من جند فأجيب ثم أعيدت ثانية إلى الأستانة بقيت الثورة تتأجج نيرانها، وعقد في أثناء ذلك عدة اجتماعات من طرف الحكومة مع الإدريسي للاتفاق معه وإطفاء نيران الفتنة فلم تفلح وأخيرًا أعلن الإدريسي الحرب على الحكومة وهاجم أبها مركز قائدها وحاصرها؛ فبلغ الحكومة ما آل إليه شأن الإدريسي على أثر التقارير المرفوعة من متصرف عسير، فرأت بعد طلب الحسين بن علي أمير مكة أن يكون هو القائم بإخماد الثورة لما يعرفه من عوائد البادية وأساليب إخضاعها فخابرته بذلك، وقد كان الحسين يرمي من وراء ذلك أن تكون له يد في عسير لتساعده في يومه المعلوم.
فلما كان في يوم الأحد ١٦ ربيع الثاني سنة ١٣٢٩ توجه الحسين من مكة قاصدًا عسير ومعه الجيش النظامي التركي وجيش من البدو، فوصل القنفذة ثم حث السير إلى محل يقال له القوز الشاهد، فنشبت هناك معركة دامية كسر الشريف فيها وتشتت جنده حتى أن ابنيه فيصلًا وعبد الله لم يخرجا من المعركة إلا بعد أن أعراهما الثوار وارتدوا راجعين إلى القنفذة فبقوا إلى أن لموا شعثهم وتوجهوا قاصدين أبها، فوصلوها بعد أن وقع في الطريق خمس عشرة معركة؛ وذلك في يوم السبت ١٩ رجب، ويظهر مما تقدم أن مسألة عسير لم تنته بصورة قطعية، فإن الثوار تحصنوا في الجبال ولم تصلهم يد الحسين وجنده فتقضي عليهم القضاء الأخير، والدليل على ذلك أن الحسين لما أراد الرجوع إلى الحجاز لم يذهب من الطريق الذي أتى منه وهو القنفذة بل رجع من طريق شهر فبيشه إلى الطائف فوصل إلى مكة في ٢٦ شوال من هذه السنة؛ وكان مسيره من أبها في ٤ شعبان وما ذاك إلا أن طريقه الأولى مملوءة بالثوار.
ولما استقر في أبها في مسيره ذلك صادف أحد أيام إقامته فيها حفلة المعراج