ويوم الحرية والدستور، فجمع الحسين الجند والأهالي وخطب فيهم خطبةً عظيمة بليغة، ونحن نسوقها لتعلم ما كان عليه الحسين من البلاغة والبراعة التي طمحت به في تلك البحار، قال:
أيها الإخوان اعلموا علم اليقين أنه لولا وجود هذه الدولة العثمانية وشدة اعتناء خلفائها بالأمة الإسلامية خصوصًا مولانا أمير المؤمنين الحالي لاختطفتكم الدول الأجنبية اخطاف الذئب للغنم المنفردة، فإن جميع الدول ساعية من زمن بعيد في اضمحلال الشريعة المحمدية بواسطة هؤلاء المغرورين الذين يخدمونها لأغراضهم الشخصية، إخواني هل يرضيكم أفعال هؤلاء القوم الساعين في تخريب بلادكم باسم الحق، ولا أدري كيف اغتررتم لهؤلاء وأمثالهم وأنتم أولوا العقول الراجحة والنخوة العربية الأصيلة، آبائكم الأولون كانوا عز العرب وعنهم ورثتم الهمم العالية، ألستم أبناء التبايع؟ ألستم الذين قال فيكم جدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العلم يماني والحكمة يمانية؟ ألستم أنتم أبناء أسلافكم الكرام الذي اشتهروا بالذكاء الفطري والمجد المؤثل؟ فالله الله يا أبناء الأمة العربية في دينكم لا تضيعوه بل احفظوه واستظلوا بظل الراية العثمانية التي هي شعار الإسلام، ولا تغتروا بأقوال المفسدين الساعين في تنفيذ أغراض المحركين لهم أعداء الدين الإسلامي، وأنتم لطيب عنصركم وعدم معرفتكم بالسياسة الأجنبية تظنون أنهم إنما يخدمون الدين، إنهم والله عن الدين بمعزل لا يخدمون إلا أغراضهم الشخصية مستترين باسم الدين، فأحذركم أن لا تغتروا بمثل هؤلاء الأوغاد المارقين من الدين، بل كونوا مطيعين لأمير المؤمنين ولتعلموا أن من خالفه فقد خالف الله ورسوله ومن خالفهما فقد باء بغضب من الله وخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، هذا نص خطبته بحروفها.
ولما عاد الحسين إلى مكة مضى عليه فيها قريب سنة والأحوال مائجة مضطربة في عسير حتى أتت البوارج الحربية الإيطالية إلى سواحل اليمن وأقلقت الأهالي