تضرب الأمثال بإقناعه للخصمين ورضاهما وقبولهما، فنسأل الله تعالى أن يجبر المسلمين بفقده.
ولما مات اندهش الناس لموته، وكان الزاهد الصوفي عبد الكريم الدرويش المشهور لما بلغته وفاته كان في تلك اللحظة إلى جانب أمير من أمراء البادية، فضرب بيده على الأخرى وقال إنا لله وإنا إليه راجعون، واشتد بكائه وجزعه وقال: مات قاضي الرياض وتعطل الرياض بلا قضاء، يموت العالم فلا يخلف من عقبه من يسد مقامه ويموت هذا ويشير للأمير فيكون عقبه عشرون شيطانًا كل واحد أنبه في الإمارة من الآخر، يعني أن الأمراء كثيرون بخلاف العلماء، وصدق رحمه الله فإن الإمارة كثير أربابها بخلاف القضاء، فقد يموت الأمير ويكون له أنجال كلهم أمراء، وإن العالم بالشريعة لا يكون من عقبه من يسد مقامه وهذا شيء مشاهد وسنلوح عن قريب بذكر الدرويش هذا.
وكان الشيخ إبراهيم كهفًا لأهل الدين ولا يزال في حياته معاضدًا لأخيه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف رئيس القضاة والمفتين في نجد إذ ذاك ينتا بهما الإخوان وطلاب العلم وحصنًا منيعًا لأهل هذه الدعوة المحمدية والملة الإبراهيمية، وذلك لما منحهما الله تعالى من نفاذ الكلمة وقوة الإرادة والفتوحات الإلهية والعلوم الربانية ما أضاء نورهما في الأفاق وسما به فضلهما كالشمس وقت الإشراق، ولما مات خلف من الأولاد، محمدًا وعبد الملك، وعبد الله وعبد اللطيف.
فأما محمد فهو الشيخ الذي انتهت إليه الفضائل والمكارم في وقتنا هذا، وناهيك به حيث أصبح المفتي العام في الحكومة السعودية وسماحته متأهل لجميع العلوم.
وأما عبد الملك فإنه رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحجاز، وكان فيه مؤهلات مع دماثة أخلاق وتحبب إلى من يجالسه.
وأما عبد اللطيف فهو مدير المعاهد العلمية تحت إشراف أخيه محمد وله ذوق في العلوم وفضل وبراعة لا سيما في علوم المواريث.
ولما مات الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف رثاه العلماء بمراثي حسان، فمنها ما رثاه به الشيخ سليمان بن سحمان، وقد كان لها حسن الوقع وغاية القوة.