ولم يجد إلى ذلك سبيلا فرجع خائبًا إلى بلده، وأبى الله أن يكون ظهور الدين إلا على يدي الأمير ابن سعود وأنجاله، ثم إن الشيخ أخذ يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم ويبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم، وأمرهم أن يتعلموا معنى لا إله إلا الله، وأنها تنفي وتثبت، فلا إله تنفي جميع المعبودات وإلا الله تثبت العبادة لفاطر الأرض والسموات، ثم أمرهم بتعلم ثلاثة الأصول؛ وهي معرفة الله تعالى بآياته ومخلوقاته الدالة على ربوبيته، والهيته كالشمس والقمر والليل والنهار، ومعرفة دين الإسلام وأنه الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك، وأنه ثلاث مراتب، ومعرفة الني محمد - صلى الله عليه وسلم - والتفريق بين دينه ودين أبي جهل وأتباعه، فلما أن استقر في قلوبهم معرفة التوحيد بعد الجاهلية أشرب في قلوبهم محبة الشيخ وأحبوا المهاجرين، وأووهم، وكانوا قبل ذلك قد وقعوا في الشرك الأكبر والأصغر، وتهاونوا بالصلاة والزكاة، فلا للأحكام يعرفون، ولا بالشريعة يتقيدون، ثم إنه ألّف الرسائل والكتب، وحذر فيها من طرق الغي والرذائل، وبثها مفسرة بأوضح البراهين والدلائل، وكتب إلى أهل البلدان ورؤسائها وفقهائها، ومدعى العلم منهم وباح بما عنده, فمنهم من قبل واتبع الحق وفاز بسعادة الدنيا والآخرة، فاستجابوا لدعوته بعد أن كانوا في بيداء الضلالة واستضاؤا بنور الوحي والرسالة وهم الأقلون، ومنهم من عصى وهم الأكثرون، وأعرضوا عن دعوته، واتخذوه سخريًا ونسبوه إلى الجهل، ومنهم من نسبه إلى السحر، وأن مذهبه مذهب خامس، وأنه يريد أن يدعى النبوة وغير ذلك من أمور اختلقوها من تلقاء أنفسهم، قبحهم الله، ومن لم يراقب الله ولم يصن وجهه ولم يرع مخلوقًا، فليفعل ما شاء، نعوذ بالله من الخذلان فيا ويحهم إذا وقفوا بين يدي رب الأرباب، وشهدت عليهم الجلود والأسماع والأبصار، ويا خجلهم من ارتكاب سبيل هذه الورطة التي لوا بها عن الصراط المستقيم، وسكلوا لأجلها طريق الشقاء والجحيم.
ومما قاله الشيخ المرسوم بالدين والإيمان المدعو بملا عمران بن علي بن رضوان