الرعاة للغنم يومًا كانوا من رعاياه ويومًا من رعايا العراق، أريد يا عبد العزيز أن تأخذهم وخيولهم وسلاحهم، فعلم عبد العزيز بالأمر وهو أنه يريد بذلك أن يحرك عليه حكومة العراق إذا فعل ذلك فلم ينجح طلبه، وقفل راجعًا من صفوان إلى الكويت فرفض قومه أن يرجعوا معه وقالوا: لا ندخلها إلا محاربين، فأبى عليهم ومشوا طائعين يحفون به حتى وصلوا الجهراء فنزلوا فيها، وقد جاء مبارك ليسلم على ولده، فاعتذر عما بدا منه، وقبل عبد العزيز العذر دون معاتبة.
ولما فرغ من أعمال مبارك وخدعه ومكره سار يقصد الحساء، وكان قد كثر فيها وفي جوارها الأشقياء، فبلغه وهو في السير أن العجمان العاصين هجموا على عرب من عربان فيصل الدويش وأخذوا عددًا كبيرًا من الإبل لرجل اسمه ذو النون كان في ضيافة ابن سعود وهو من الموصل، فسارع عبد العزيز إلى مقاتلة المعتدين، ثم جاء خبر أنهم على ماء قريب منه، فجد في طلبهم فأدركهم وأخذهم جميعًا، ثم لا علم أنهم غير المذنبين وأن هؤلاء أبرياء أعاد عليهم كل ما أخذه منهم وخلى سبيلهم.
أما المذنبون ورئيسهم تركي العرافة فكانوا قد التجأوا إلى حكومة الترك في الحساء وأخبروا الترك أن ذا النون من رعاياهم في الموصل، فأرسلت الحكومة تحتج على ابن سعود وتحذره أن يتعرض لقبيلة العجمان، فأجاب أن في تأديبهم خير للناس وللحكومة، ومع ذلك فإنه لم يستحب أن يغضب الترك في الحساء فتركهم وشأنهم.
أما الشريف حسين فإنه لا يزال جادًا في تحريض القبائل على ابن سعود وكان قد جهز جيشًا لنصرة راشد الهزاني الذي كان قد لجأ العرائف إليه فيما تقدم وسيره إلى الحريق، وأمدَّ العرائف أيضًا في محاربة نسيبهم حاكم نجد، ولما أن أرسل عبد العزيز رسولًا إلى الشريف وهو صالح العذل ومعه هدية من الخيل بكتاب تقدم ذكر تاريخه ٢٢ ربيع الأول، واطال فيه بتمجيد الحسين، وقال في آخره: إننا نستغرب منكم هذا العمل وبيننا وبينكم معاهدة.
وكان جيش ابن سعود قد أغار على فخذ من عتيبة المتشيعة للعرائف، فغضب لذلك الشريف ورد صالح العذل خائبًا ورد فوق ذلك الهدية فخرج العرائف على