فليس الجبال الشم مثل حزونها ... ولا من يقل جدًا كمن يتهكم
وقد أتينا بغالب القصيدة وحذفنا بعضها خشية الإطالة، ولولا ضيق المجال لأتينا بقصيدةٍ جادت بها قريحة الشاعر محمَّد بن عبد الله بن عثيمين، ولكننا نحيل القارئ على ديوانه.
وفيها ولد الأمير خالد بن عبد العزيز نجل جلالة الملك وكان شقيقًا لمحمدٍ وأخوالهما آل جلوي، وكان ممتازًا برجاحة العقل على غالب أبناء جنسه.
وفيها توفي الشيخ العالم مفتي الوشم في وقته علي بن عيسى رحمة الله عليه، وكانت وفاته في شهر رمضان منها.
رجعنا إلى ذكر فتح الإحساء وما ألانه الله عز وجل لهذا الملك العاهل المقدام من الأمور الصعاب فنقول؛ كان على الحليج إلى الشرق والجنوب من البحر رأس من الأرض محاذ لشاطئ العقير وهو قطر بلاد قاسم بن ثاني شيخ الأمراء يومئذ سنًا وجاهًا؛ وقد حاول قاسم مرارًا أن يخرج الترك من الحسا، فلما فاز ابن سعود ذلك الفوز عري قاسمًا هزة عظيمة حركت سواكنه لأمور شتى منها خوفه على إمارته فقد أصبح الفاتح جاره الأدنى الذي وإن كان صديقًا صادقًا غير أن الملك عقيم؛ فلما أن رأى ابن سعود على أبوابه انقلب بعد أن كان من أكبر المحبين له وغضب غضبة شعواء؛ فكتب إليه كتابًا شديد اللهجة يحذره ويهدده ويلومه على أخذه الإحساء، ولكن الحمام عاجله قبل أن يتلقى الجواب فانتقل إلى رحمة الله تعالى وتوفى في عاشر شعبان من هذه السنة، وهذه ترجمته:
هو الأمير الجليل قاسم بن محمَّد بن ثاني شيخ قطر الورع الزاهد التقي الفصيح البليغ الحنبلي كان جواد مبذالًا عالمًا بالعلوم الدينية والفقهية، ولد رحمه الله سنة ١٢١٦ هـ وعاش مائة وخمس عشرة سنة تزوج تسعين إمرأة وبعدد من الجواري، وكثر له النسل الإنساني فكان له من الأولاد والأحفاد وأبناء الأحفاد ذكورًا وإناثًا ما لا يصدق به كثرة، فقد قيل أن الذين يركبون معه إذا ركب ستون فارسًا في موكبه كلهم من صلبه ولم يكن سيدًا في غير عشيرته، فلما تم له خمسون