فيا أيها القمري في الدوح غنني ... فهذا أوان النوح إن كنت تسعف
وقائلةٍ ما بال دمعك لم يزل ... يسح على خديك دئبًا ويذرف
أرى منك حال الحال عما عهدته ... فماذا الشجي ماذا الأسى والتأسف
فقلت لها والقلب مني كأنه ... بأشراك صيادٍ به يتصرف
ذريني وما أملت مني صبابةٌ ... عداك هزالي والهوى والتترف
لك الويل لا تلحي علي فإنني ... رأيت العلي بنيانها يتقصف
دعيني فلا والله ما بعد قاسمٍ ... لآمل جدوى أو طريدٍ يخوف
إلى من له تأوى العناة وتجتري ... إلى من تسير اليعملات وتوجف
إلى من له أهل المغارم ترتجي ... وعان ثوى فيقيده فهو يرسف
فكم أدركوا ما أملوا غير مرةٍ ... إذا قصدوه فولوا ثم أتحفوا
تعزي عليه المكرمات لأنه ... مدى دهره فيها شجٌ ومكلفٌ
بإحيائها في كل حينٍ وساعةٍ ... تراه بها مستغبطًا يتشرف
أبوها أخوها عمها خالها الذي ... لها سابق جل الورى مذ تخلفوا
ترعرع فيها ثم كانت طباعه ... فما هو عن أسبابها متوقف
فيا قطرًا أظلمت إذ فاتك البهاء ... وإذ منك ولَّى مربعٌ ومصيف
لقد زانك الشيخ الذي قد رثت له ... وفودٌ وأضيافٌ وسيفٌ ومنسف
هو المصمعل المشعمل بهمةٍ ... تكاد إذا استعلت على البدر يكسف
هو البحر لا تطمع به وهو هائجٌ ... وفي رهوه إن غصت للدر تصدف
هو الليث في الهيجا بل الليث دونه ... وكالغيث إن يزوى من الناس أعجف
فخذ منه ما أملته في يوم أنسه ... وإياك واليوم الذي فيه يأنف
قريبٌ إذا سالمته متهللٌ ... بعيدٌ إذا حاربته يتخوف
وذي لجبٍ في وسطه الخيل شزب ... له الوحش تبرى والطيور ترفرف
إذا نابه أمر أشار فأقبلوا ... ألوفٌ لأدني أمره تتألف
إذ أوغلوا في الحرب فهو رئيسهم ... وقائدهم بل زائدٌ ومشرف