أما فيما يختص بمسألة جعل الإمارة وراثية في أسرتك فإني يخيل لي وأظنك تسامحني في ذلك الرأي لأن الفرصة ليست مناسبة للمطالبة بذلك الطلب فإني في وقت الحرب الذي تتعرض فيه كل قوى الإنسان العقلية والجسمية لأشد العناء والنصب أراك تعترف بأن الإعراب عن مثل تلك الرغبات من شخص يشغل مركز إمام وفي أهم بقعة من بقاع الدولة العثمانية بقعة هي أكثر تعرضًا للأخطار عما عداها لا بد أن يكون له أسوء وقع في نفوس الجمهور والذي اعتقده أنه ما كان ينبغي لك أن تطلب مثل ذلك الطلب حتى لو كان لك الحق في طلبه وذكر أن الهم ينبغي صرفه إلى جهة واحدة وهي إحراز النصر في تلك الحرب وأشار إلى أن دخول الدولة في تلك الحرب لمصلحة العالم الإسلامي.
ثم بعد شهر جاء رد الشريف الحسين على البرقية وفيها:
إن جواب جمال باشا وقع في نفس الشريف أسوء وقع؛ وأرسل إلى الصدر الأعظم جوابًا يقول فيه أنه لا يعرف أي الرجلين يصدق أهذا السياسي الذي يتعامل معه مباشرة ولطالما أظهر له المجاملة والود، أم ذاك الذي استعمل معه ألفاظًا جارحة مهينة فهو يرى نفسه مضطرًا إلى قطع العلاقات مع الحكومة حتى تجاب المطالب التي طلبها من أنور باشا منذ شهرين، وأيضًا أرسل إلى جمال باشا برقية بهذا المعنى، هذا ما دار بين الحسين وتركيا وما حصل بينه وبين جمال باشا الحازم الذكي.
وإليك ما دار بين الشريف وبين بريطانيا العظمى من المفاوضات فنقول:
انتخبت الإنكليز لمفاوضة الشريف وضمه إليها أحد رجالها، وتشير إلى تلويحة هنا قليلة بأن بريطانيا وقفت برجال من قومها مخلصين مهذبين يكدحون لمصالح الدولة ويسهرون لها ويبذلون النفس والنفيس في رضا حكومتهم وإن قضى ذلك بهلاك ذاتهم وما تنهض الأمة إلا برجال قدراء وقواد مثقفين محنكين شذبتهم التجارب وفطروا على نجاح الطلب والتضحية بالنفوس في سبيل الحكومة ولولا