للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما أن وصل ابن سعود بجنوده إلى ذلك الموضع كانت النخيل تبدوا في الليل كأبيات من الشعر فشرعوا يطلقون الرصاص عليها ظنًا منهم أنها العجمان، غير أن العجمان أخلدوا ورائها حتى أفرغ أهل الحساء ذخيرتهم على الأشجار، فخرجوا من مكامنهم والتقوا بابن سعود وذويه فهاجموهم من ورائهم، فتلاحم الفريقان واستمروا طيلة ذلك الليل الشديد الظلمة، فاختلط الحابل بالنابل، بل ظل أهل الإحساء يفتك بعضهم ببعض من شدة الظلمة فجرح صاحب الجلالة عبد العزيز، وقتل أخوه سعد بن عبد الرحمن رحمة الله تعالى عليه، وكان عمره حين قتل في السابعة عشرة، فدارت الدوائر على رجال ابن سعود وعادوا منهزمين إلى الحساء، وتقفاهم العجمان حتى نزلوا قرب الهفوف فحاصروها ثلاثة أشهر.

ولما رأى ابن سعود تفاقم الأمر بعث إلى والده ليستنفر أهل نجد، وبعث إلى الشيخ مبارك يستنجده أيضًا، فسارع أهل نجد تحت قيادة أخي الملك محمد بن عبد الرحمن، وقد انضم إليه سعود بن عبد العزيز العرافة وكان قد فرَّ قبل ذلك من الخرج إلى ابن رشيد وحارب معه في واقعة جراب، غير أنه لما رأى هذه المرة ابن عمه الملك عبد العزيز في تلك المحنة أخذته الحمية وعاد إليه تائبًا ومناصرًا وما أحسنها من حالة نسأل الله أن يلم شمل المسلمين ويعطف قلوب بعضهم على بعض، وما فازت أمة إلا بالتعاضد والتناصر والمساعدة كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وما حدث الفشل والضعف إلا عن نتيجة التفرق والنزاع والتخاذل.

ولما أن علم العدو الألد ابن رشيد تحفز للوثوب ملقيًا بالعهود والصلح عرض الحائط ونكث العهد يريد احتلال بريدة، فزحف إليها ما دام ابن سعود منشغلًا بورطة العجمان، ولما أن زحف يريد بريدة، لم يعجب الشريف حسينًا عمل ابن رشيد هذه المرة، ذلك بأنه يريد الانضمام إلى الإنكليز، وابن رشيد كان حليف الأتراك فأرسل ابنه عبد الله لمضادة ابن رشيد، ولما علم ابن رشيد بزحف عبد الله بن الحسين ليصده رجع من أثناء الطريق مدحورًا، وعاد عبد الله بن الشريف إلى الحجاز مطمئن البال، ولما لم يأت من قبل مبارك بن صباح مدد بعث إليه ابن سعود ثانيًا يذكره العهد وما بينهما من المساعدة فجاءت منه نجدة صغيرة مجهزة تحت قيادة