برجاله إلى العراق، ثم عاد منه فلما كان ابن سعود بشقراء جاءه رسول من ابن رشيد يطلب الصلح والسلام فجددت المعاهدة السابقة.
ولما أن كان في ذلك اعتدى العجمان على عشائر ابن صباح فنهبوا مواشيهم، فكتب ابن صباح إلى عبد العزيز يشكوهم ويطلب منه تأديب المذنبين ورد المنهوبات، وكان مجيء الرسول إليه في شقراء أيضًا، فأرسل ابن سعود ابن عمه ناصر إلى الشيخ مبارك بكتاب يقول فيه: لست يا مبارك بصديق صدوق قد نالني من العجمان أكثر مما نالك فصبرت وتحملت، ونحن الآن في وقت القيظ ولا نتمكن من شدته أن نسير بجيش إلى ديرة العجمان، والأمر الثاني هو أني في ريب من صلح ابن رشيد فأخشى نكث العهد إذا أنا غادرت نجد ودخلت في حرب العجمان، والأمر الثالث نفقات هذه الحروب وقد تكاثرت علي فضاقت في سبيلها الأسباب، والأمر الرابع يا حضرة الوالد هو أني أخشى أن يلجأ العجمان بعد الحرب إليك فتنقلب علي كما فعلت يوم سعدون والظفير، ومن رأيي في حال العجمان أن تؤجل المسألة إلى فصل الصيف، فكتب مبارك إلى ولده عبد العزيز إن الأمر لا يؤجل ولا بد استرجاع المنهوبات فأجابه عبد العزيز قائلًا:
إن العجمان لا يرجعون ما ينهبون إلا مكرهين بحرب وعنف لأن مباركًا مسلفهم الإساءة، فإذا عزمت على محاربتهم تعطيني عهد الله وميثاقه أن تعينني بالمال والرجال وأن لا تسلك في سياستك معهم مسلكًا غير مسلكي، ولا تستقبلهم إذا لجأوا إليك ولا تتوسط بالصلح بيني وبينهم، ولما أن عاهده مبارك على ذلك بعهد الله وميثاقه مشى عبد العزيز بن عبد الرحمن إلى الحساء بفرقة صغيرة من الحضر والبدو في صيف هذا العام بشدة الحر القائظ، أضف إلى ذلك أنها على أثر واقعة جراب، فعلم العجمان بقدومه فرحلوا اتجاه قطر، فعندها حشد عبد العزيز بن عبد الرحمن جيشًا من أهل الحساء وزحف جنوبًا متقفيًا أثرهم، وقد كان لشدة الحر لا يستطاع المشي نهارًا فكيف بالقتال، ولم يكن لديهم رواحل لضعف الحال فأسروا ماشين حتى وصلوا موضعًا يسمى كنزان، وكان العدو معسكرًا فيه، أولئك العجمان فلا يستهان بشرهم.