إذ ذاك، فأرسل ابن سعود إلى غالب باشا هدية، وقال في جوابه إنه والحسين يدًا واحدة ولكنها لم تصل الهدية إلى مكة إلا بعد الثورة، فاستلمها الحسين وأكل الهديتين، ونهض كما نهض بأنجاله على الترك طمعًا في الهدية الكبرى التي وعدته بها الإنكليز.
ولما أن ثار ثورته طفقت تتوارد إلى جدة من بور سودان الإمدادات الحربية والمالية، وجاء الذهب إليه بالصناديق ليستخدمه في تجنيد العرب واستمالة أمرائهم ورؤسائهم إلى النهضة، فأرسل إلى ابن سعود سورة في آخرها هذا العام وبعث في السنة التي بعدها إليه أيضًا بثلاث صرر مقدار الواحدة خمسة آلاف ليرة، ولكنه لم يكتب كلمة بخصوصها، كان يجيء الرسول بهذا المال فيقول: من جلالة الملك ليس إلا، وكان ابن سعود بعد ما عقد معاهدة دارين بواسطة السر "برسي كوكس" المتقدم ذكرها، واستمرت سبع سنين إلى بداية ١٣٤٢ هـ اشترط في مفاوضاته مع كوكس أن يتكلم الشريف باسم العرب ويدعي أنه ملك العرب، فقبل وتوسط كوكس بين ابن سعود وبين ابن صباح في مسألة العجمان، فقبل ابن سعود أن يوقف حركاته الحربية على شرط أن يطرد صاحب الكويت العجمان من بلاده، فعمل جابر ابن صباح بنصيحة السر رسي وأجاب طلب ابن سعود.
أما العرائف الذين أغراهم الأعداء بنسيبهم الأكبر جلالة الملك ابن سعود فإنهم لما أدركوا أن أخوالهم العجمان لم يناصروهم إلا لحظ أنفسهم.
وأيضًا أدركوا حقيقة ابن رشيد والشريف أنهما أكبر عليهم عداوة، عندما تحققوا الثقة بنسيبهم بعد ما بعث إليهم الكتب اللاهجة بالتودد وكمال الحنان والشفقة عليهم، وعادوا إليه تائبين وأصبحوا مشمولين بعنايته وحسن عطفه مقيمين في الرياض بسبعة أبيات بخير.
أما ما كان من أمر الحسين بن علي فإنه كما قيل عنه إذا أمعنا النظر في سيرته وما لديه من الدهاء وأساليب السياسة، نتأكد أنه اتخذ الدين والعاطفة الدينية في العرب سبيلًا إلى تحقيق مقاصده، فقد نشر منشورًا طويلًا ذكر فيه سبب الثورة، ثم