ولما أن جاءت في هذه السنة هدايا الشريف لابن سعود كالتي قبلها بلغت هذه المرة قريبًا من خمسة عشر ألف جنيه استراب لذلك ابن سعود وعقد مجلسًا عاليًا دعى إليه حضرة والده الإِمام عبد الرحمن ورئيس قضاة نجد الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وغيرهما من الأكابر والرؤساء وأطلعهم على الأمر، وقال إذا كان القصد من إرسال هذا الذهب المساعدة في الحرب فالقصد محقق لأني أمرت أهل نجد خصوصًا أهل القصيم وعتيبة وحرب بمساعدة الشريف، وأمرتهم بأن لا يتعدي أحد منهم على من أراد أن ينضم إلى جيش الحجاز، فتكلم الإِمام عبد الرحمن قائلًا: لو كان الشريف يبغي المساعدة فقط لكتب إلينا بذلك ولست أرى في قصده غير الخوف من أن نغتنم فرصة قيامه على الترك فنحمل عليه فأراد في إرسال الذهب تسكينًا، وقد كان الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف من هذا الرأي فقال: عبد العزيز يمكن ذلك، وإنني سأكتب إليه فأتحقق الأمر فإذا كان يريد المساعدة وهو صادق في عمله وقوله ساعدناه بأكثر مما تقدم، وإذا كان له قصد آخر انتبهنا إليه، يا حضرة والدي إننا وإياك في هذه الحروب وثمرتها لنا ولك فقد مشت عرباننا وعشائرنا عملًا بأوامرنا إلى مساعدتكم ولكني أبغي أكثر من ذلك، وإني مستعد أن أرسل إليك أحد أخواتي أو أولادي ليحارب مع أولادكم، وفي ذلك الفوز الأكبر إن شاء الله، قد يكون حدث بيننا وبينكم سوء تفاهم في الماضي فلا بد إذن من التفاهم والتأمينات وذلك بأن تحدد الحدود بيننا وبينكم فتزول الشكوك وتتضاعف من أهل نجد المساعدات.
فلما أن وصل هذا الكتاب إلى صاحب الجلالة قام يذيع في جريدة القبلة وفي الديوان الهاشمي فسمع صوته في نجد، وكان من جوابه قال: إنك سكران يا ابن سعود أو مجنون، أفلا تعلم لأي أمر قمنا وأي غرض نبغي، فكتب عبد العزيز إلى الوكيل البريطاني في البصرة يطلب الاجتماع به في العاجل، فاجتمعا في العقير وبعد أن أطلع السر برسي كوكس على كتاب الحسين قال له الوكيل: لا تكترث به نحن ضامنون استقلالك ونتعهد بأن لا يتعدى عليك الشريف أو غيره، وأنت تعلم أن