التجارة والصناعة لا تنافي الدين وأن المؤمن الغني خير من المؤمن الفقير غير الصابر الذي معيشته على السؤال فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه كان يملك ثمانية آلاف رأس من الإبل والخيل وهل تشكون في أن الله سبحانه وتعالى يفتح لكم إذا أنتم زرعتم وتاجرتم أبواب الثروة والجاه، وقد أفلح المطاوعة أو كادوا في تحبيب العمل والمال إلى الإخوان فشرعوا يزرعون الأرض حول الهجر ويتاجرون وقد نشأت هذه القرى نشوءً سريعًا فصارت أسوة القرى القديمة وألف أهلها الزراعة واستعذبوا ثمارها، وكان البدو اليوم على غير حالتهم بالأمس فلا يشردون ولا ينهبون بل يحاربون حبًا للجنة وخوفًا من النار.
هبت هبوب الجنة ... أين أنت يا باغيها
وعرفوا الشرع فخشوا عاقبة الفرار وبما أن البدوي فطر على النهب والسلب والقتل فلا تزال الحكومة تدخل عليهم التحضر شيئًا فشيئًا، ولكنه نشأ فيهم غلو وإفراط ومجاوزة للحد بعد ما انقطعوا عن النهب وتفرغوا لعبادة الله تعالى وتلبدت غيوم في الأفق يخشى منها وأصبح مستقبلهم ينذر، وجرى منهم ما سنذكره فيما بعد إنشاء الله تعالى.
هذا ولا تزال فيهم تلك العادات التي فطروا عليها كامنة في نفوسهم من سرعة الانفعال وعدم النظر في العواقب وحبهم للنهب والسلب؛ ولولا سيف الحكومة الذي لا يزال مسلولًا على كل معتد لكان لهم تغيرات وتبديلات كما سيمر بنا بعد ذلك.
وفيها وفاة رجل الدين والفضل علي بن مقبل قدس الله روحه ونور مرقده وضريحه، وكان المترجم من قبيلة سبيع وصاحب صدق وإحسان ومحبة لأولياء الله وبغض لأعدائه ويعد من رجال الوطن في الدين وحسن المعاملة ومن صفاته الحسنة وأعماله الطيبة أنه أحاط بعض المقابر الكائنة في مدينة بريدة وله معاملة في مداينة الفلاحين يراعي الفقراء في المعاملة فإذا تمت المدة ضرب على الزيادة عن رأس المال وأخذ رأس ماله، ومن صفاته التي امتاز بها أنه إذا خرج ليكتال