إلى الملك السامي إلى منهج العلى ... له همة فوق النجوم الزواهر
فأبلغه تسليمًا كثيرًا وقل له ... محبكموا يدعو لكم بالسرائر
ويمتر فيما نالكم من مسرة ... ويشكر ربًا عالمًا بالضمائر
هنيئًا لكم ذا الفتح يا أهل ودنا ... هنيئًا لأصحاب النهى والبصائر
فهذا هو الفتح الذي شاع ذكره ... بكل النواحي بين بدو وحاضر
وهذا هو الفتح الذي منه زلزلت ... اربًا وبلدان الغوات الكوافر
فأصبح مسرورًا به كل مسلم ... وأصبح مغموضًا به كل فاجر
وإنا لنرجو فتح مكة بعده ... بحول إلهٍ للخلائق قاهر
الخ وهي طويلة نضرب عنها للاختصار.
ولما أن سلم آل رشيد نقلوا إلى الرياض؛ وكان محمد بن طلال بن نائف آخر الذين سلموا من أهل حائل وقد نقل من جملة الذين نقلوا، ونذكر عنه قصة رأيتها في تاريخ الريحاني: وذلك بأنه خرج مرة من بيت في الرياض بالليل وهو مختف في ثوب امرأة فلما رآه أحد رجال السلطان قبض عليه وجاء به إلى السلطان فأمر بنقله إلى القصر واسر مدة طويلة ثم أطلق سراحه، فلما جلس جلالة الملك عبد العزيز مرة في المجلس العالي بالقصر على الديوان كان عصا الشوحط بيده وإلى يمينه ويساره رجال بيت الرشيد وعلى الدواوين والكراسي خمسون ونيف من وجهاء الرياض وعلمائها، فأمر العبيد أن يدخلوا المجلس ومعهم ابن طلال، فأجلسه السلطان إلى يمينه ثم قال: اعلموا يا آل رشيد أنكم عندي مثل أولادي وأنتم في الرياض تعيشون كما أعيش أنا وأولادي لا أقل ولا أكثر، ثيابكم مثل ثيابنا وطعامكم مثل طعامنا، وشرابكم مثل شرابنا، وخيلكم مثل خيلنا وأحسن، وليس في القصر أو في البلاد شيء تحت يدي تريدونه إلا وهو حاصل لكم، وهل منكم من يشك في ذلك فتكلموا، فلم ينطق منهم أحد، ثم قال خطابًا لمحمد بن طلال: يا محمد إنه ما جر عليك الأسر غير نفسك، غير عملك السيء، كن عاقلًا حكيمًا ولا تعر أذنك النساء إني عالم بما تعمل وبما تقول فاعقل لصالح نفسك وتجنب الطرق التي فيها القيل والقال، والتي تؤدي إلى الفتن كن صادقًا مخلصًا، تكرم كل الإكرام