كوكس اغتنم هذه الفرصة ليعيد البحث في اتفاق المحمرة ويحدد الحدود بين نجد والكويت وبين العراق ونجد، فجاء ومعه فريق من السياسيين والأخصائيين وكتبة السر والخدم.
فلما كان في اليوم السابع من ربيع الأول مساء وصل اليخت الذي أقلهم من البحرين فأمر السلطان عبد العزيز بإرسال الخيل إلى الرصيف ونزل هو وحاشيته يلاقون الوفود ويستقبلونهم، ثم عادوا بعد نصف ساعة إلى المخيم فترجلوا أمام سرادق الاجتماع الذي أنير بأنار اللوكس، وبعد أن استقروا بالمجلس اعتذر المندوب السامي عن بطئه في السفر فقبل السلطان العذر وشرع يفصح عما كان يتقد في صدره، فجاءت الكلمة الأولى قنبلة زعزعت المكان وهي: أنا لا أخشى إلا الرجل الذي لا شرف له ولا دين، ثم قال لا ندري يا حضرة المندوب ما خفي المقاصد ولكننا نرجو منها الخير ومما نعلم علم اليقين أن العشائر خصوصًا عشائر العراق لا ترتاح إلى حكومة قوية بل لا تبغيها لأن الحكومة إذا كانت قوية تضربهم وتؤدبهم، أما إذا كانت ضعيفة فتسترضيهم كما هي الحال اليوم أن العشائر يا خضرة المندوب لا يفهمون إلا بالسيف، فهم إذا عاملتهم بالحسنى يتحكمون بالحكومة؛ اشهروا السيف يرتدعوا يتأدبوا، أغمدوا السيف ينهبوا ويقتلوا ويتقاضوكم فوق ذلك المشاهرات.
كان السلطان عبد العزيز يتكلم بهذه الكلمات وهو مدير ظهره لفهد بن هذال، ثم مال بوجهه إليه؛ وقال مبتسمًا أليس كذلك يا فهد فإنا نعرف بعضنا، فضحك كل من كان في المجلس سوى شيخ العمارات فإنه كان محدقًا بنظره في السجادة، ثم رفع نظره إلى المندوب السامي كأنه يقول لا بارك الله في ساعة جئت فيها.
هذه أول جلسة من مؤتمر العقير وإن كانت غير رسمية ثم تبعها جلسات خصوصية بين السلطان والمندوب السامي، وجلسات عمومية حضرها رئيس وفد العراق صبيح بك نشئت والوكيل السياسي الميجر مور في الكويت والشيخ فهد آل هذال، وكان الكتاب والمترجمون والأخصائيون من العرب في معرفة الآبار والطرق والمراعي يؤمون خيمة المترجم أمين الريحاني من حين إلى حين وكانت خيمة صغيرة.