الخشب فحدث في الرخص عنها ولا حرج فقد يعمر الإنسان بيته بعد ذلك فلا تتكلف قيمة الخشب بأكثر من سبعة ريالات، أما ما كان عن الدرعية فقد بلغنا عن بعض الثقات أنها بلغت الحالة في تقدمها بالترف، بحيث أن من المترفين من يغتسل بالطيب، وأن رجلًا دعا صاحبًا له فأكرمه بأن عمل له شراب الشاي على نار عود البخور وذكر لي أنه مر على الدرعية زمان كان فيها أربعمائة عالم كلهم كانوا أهلًا للقضاء وأن قرية من قرى الوشم وهي أشيقر مر عليها زمان وهي تضم ثمانين عالمًا كلهم يحملون مؤهلات القضاء.
وأما قول بن بشر ولكنه وقع عليه الهدم قبل إتمامه فيشير إلى هدم الدرعية في طلعة إبراهيم باشا سنة ١٢٣٤ لما سلط الله الدولة العثمانية على أهل نجد وابتلى المؤمنون، وذلك بشؤم الذنوب والمعاصي فقامت الدولة العثمانية وانتدبت محمد علي صاحب مصر لنزع ابن سعود من ملكه فجهز المذكور ابنه إبراهيم يقود الجيوش العظيمة وحصل على أهل نجد ما حصل، وآخر ذلك قدمت الرسل والمكاتبات من محمد على تحمل الأوامر بهدم الدرعية وتدميرها، فأمر على أهلها أن يرحلوا عنها ثم أمر العساكر أن يهدموا دورها وقصورها وأن يقطعوا نخيلها وأشجارها ولا يرحموا صغيرًا ولا كبيرًا فقامت العساكر وهدموها وبعض أهلها فيها مقيمين وقطعوا الحدائق وأشعلوا النيران في بيوتها حتى احترقت وأخرجوا البقية من السكان فتركوها خاوية على عروشها كأن لم يكن فيها قبل ذلك من ساكن وتفرق أهلها في النواحي والبلدان وذلك بتقدير من إذا قال للشيء كن فكان.
ولقد مررت بالدرعية سنة ١٣٧٤ هـ لأرى آثارها وأقف على أخبارها وجعلت أقلب النظر في تلك الأطلال والروابي التي بقيت من حيطان البيوت فما وجدت من يهديني إلى معرفة تلك الآثار سبيلا، وبينا أنا متحير بل ومندهش إذا أنا بشيخ كبير السن قد خرج من كوخ صغير يريد كوخًا آخر يحمل معه تمرًا في إناء كهيئة خف البعير فسلمت عليه وإذا هو أشعث اللون كأنه خرج من قبر ولم يكن