وفي نفس الوقت نشرت الصحف برقية من مكة، أن الواهبيين استولوا على الطائف، وبقروا البطون، وقتلوا الشيوخ، وسلبوا الأموال، فاستعبد المعتمد في مصر، وكان أنذاك في حل مشكلة بين الحسين والحكومة المصرية، وهم بتكذيب الخبر لأنه لم يتلق خبرا رسميا به، ولكنه رأى أن يبرق إلى الحسين مستطلعا حقيقة الأمر، فتلقى منه برقية في ٢٧ صفر قال فيه معتمد مصر نعم هو كذلك لا تكن يا عبد الملك ممن يقعقع له بالشنان، تقدم جيشنا للهدى ستسمع ما يسرك -حسين.
ولما انهزم علي في موقعة الهدى وفر إلى بازان في أعلي مكة؛ بعث الحسين إلى معتمده برقية بتاريخ ٢٩ صفر وهذا نصها:
رحنا يا عبد الملك، تراجع جيشنا إلى بازان، قابل المندوب السامي الإنكليزي وبلغه أننا نعتبر إعتداء ابن سعود علينا هو من جانب الإنكليز، وأني سأتولى الدفاع بنفسي عن مكة ولو حول جدار الكعبة، وأحملهم مسؤولية ذلك أمام العالم الإسلامي؛ ولقد بالغ المندوب عندما قابله المعتمد بأنه لا دخل لبريطانيا في الأمر، وتنصل من كل تلك الحوادث، وأنه كان بودها أن تسوي ما بين البلدين من خلاف فأبى قبل ذلك الحسين، وليس لها الآن شأن في الموضوع، فأبلغه المعتمد ذلك فاعتبر الحسين ذلك شماتة من الإنكليز وأجاب بقوله الله المستعان، وصمم على القتال حتى النفس الأخير.
ولما رأى أهل الحجاز تصميم الحسين على مقاتلة الوهابيين في شوارع مكة حول جدار الكعبة، تملك عليهم الذعر، وأخذوا يهربون إلى جدة ومصر وسوريا ومصوع وغيرها طلبا للنجاة وفرارا من الخطر الذي أحاط بهم حتى لم يبق في مكة أحد من ذوي اليسار، وارتفعت أجور النقل فقام أولوا الحل والعقد يفكرون في الطريقة التي يعالجون بها الموقف.
ولما كان بعد ستة أيام، كان الحسين في أثنائها يفكر أن هذا الإقدام من الوهابيين على الحجاز بإيعاز من الإنكليز لمجرد إرهابه والتأثير عليه، ليترخص في بعض مقررات النهضة، وبغض الطرف عن وعد بلفور أيد له هذه الفكرة، توقف