الحالة، قالوا وجدنا مكة كالمقبرة في الصمت الرهيب والسكون الشامل وألفينا الدكاكين مغلقة.
وكان زحف الإخوان من الطائف في يوم الاثنين الموافق ١٤ ربيع الأول، وفي هذا اليوم المبارك زحفت القوات النجدية إلى مكة من الطائف، وكانوا قد بعثوا سؤالا إلى علماء الرياض في أن يحرموا ويدخلوا مكة منكسي البنادق فإن لاقوا من يصدهم عن البيت قاتلوه، وإن لم يلقوا أحدا دخلوا، فمنعتهم العلماء عن ذلك، بدليل عدم جواز قصد القتال في الحرم.
وكان خروج علي حين وصولهم إلى قرية الزيمة التي تبعد ست ساعات عن مكة، وقد صمموا على الحصار واستبسلوا كأنهم الأسود في شدة السورة خيال التوحيد أخو من أطاع الله.
وما أسفر صباح اليوم ١٧ الموافق ليوم الخميس إلا وقد دخل الإخوان مكة محرمين لهم زجل بالتلبية وقد نكسوا البنادق، فطافوا وسعوا واستولوا بعد حل الإحرام على البلد المقدس وهم ينادون فيه الأمان، فساد السكون بمكة بخلاف تلك الفرصة التي بين خروج علي ودخول قوات الجيش السعودي، فإن بعضا من أوباش مكة ونزرا يسيرا من أهل الغطغط كادوا أن يجوسوا خلالها وانبعثوا يسألون أهل مكة أين بيت أبي خيشة ولكن المكيين لا يعرفون من أبي خيشة فكانوا يجيبون لا نعرف وأخيرا عرفوا صاحب هذه الكنية وأنهم يريدون الحسين سموه أبا خيشة.
فلا غرابة من خشونة البدو، وأنهم أجلاف، فنهبوا ما وجدوا في بيت الحسين من علب المربيات، والساعات والمفروشات وكل غال ورخيص، وباعوا بثمن بخس، ولولا أنهم كانوا في مكة منكمشين لا يستطيعون أن يقتلوا أو ينهبوا كما فعلوا بالطائف، لأن أوامر ابن سعود قاسية شديدة إلى القائدين، خالد وسلطان وبلغاها الجيش ونصحاه بلزوم السكينة والهدوء، فمن أذنب وأجرم فلا يلومن إلا نفسه، لكانت لهم غير هذه الحالة، ولكنهم يرقبون القائد الأعظم لأنهم عرفوا أن عين الأسد حمراء.