نحظ منه بذلك، وفي هذه الأيام الماضية في سفره إلى الأردن بانت نواياه ومقاصده للمسلمين نحونا حينما طلب تجزئة بلادنا وتشتيت شملنا، حتى لقد يئسنا من الوصول إلى حسن التفاهم معه لجمع كلمة العرب، ولا والله نعلم شيئًا له من النقم علينا إلا كما قال الله تعالى:{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} ولكننا ولله الحمد لسنا بآسفين على شيء إذا سلم لنا شرفنا في أمر ديننا ودنيانا، فليس لنا قصد في زخارف الحسين وأتباعه لا في ملك ولا في خلافه، ولكن غاية قصدنا وما ندعوا إليه هي أن تكون كلمة الله هي العليا ودينه هو الظاهر، ويسلم شرف العرب، فلذلك لحقتنا الغيرة الإسلامية والحمية العربية أن نفدي في أموالنا وأنفسنا فيما يقوم به دين الله، ويحمي به حرمه الشريف الذي أمر بتطهيره وتعظيمه كما قال الله تعالى:{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} وقد أرسلنا سرية من المسلمين لاحتلال الطائف لأجل القرب للتفاهم بيننا وبين إخواننا، فأحببت أن أعرض عليكم ما عندي فإن أجبتمونا فنعم المطلوب، وإن أبيتم فهذا الذي يعذرنا عند الله وعند المسلمين، وأبرء إلى الله أن أتجاوز شيئًا منها حرمته الشريعة خصوصا في هذا الحرم الشريف الذي قال الله فيه {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} وحرمة هذا البيت معلومة حتى عند المشركين الأولين كما قال الشاعر:
إن الفضول تعاقدوا وتعاهدوا ... أن لا يقر ببطن مكة ظالم
وأما الأمر الذي عندي لكم فهو أني أقول عليكم يا أهل مكة وأتباعها من أشراف، وأهل البلد عموما والمجاورين والملتجئين من جميع الأقطار، عهد الله وميثاقه على أموالكم ودمائكم، وأن تحترموا بحرمة هذا البيت كما حرمه الله على لساني خليله إبراهيم ومحمد عليهما أفضل الصلاة والتسليم، وأن لا نعاملكم بعمل تكرهونه، وأن لا يمضي فيكم دقيق أو جليل إلا بحكم مشروع لا في عاجل الأمر ولا في آجله، وأن نبذل جدنا وجهدنا فيما يؤمن هذا الحرم الشريف وسكانه وطرقه للوافدين إليه، الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، وأن لا نولي عليكم من