للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا مطمع لي سوى سعادة أقوامي وتحرير بلادي بعد أن قمت بواجباتي ولم آل جهدًا في سبيل المحافظة على حقوق العرب والسعي وراء الوحدة العربية والتمسك بنص المعاهدة وانتظار تنفيذها، ولم ينقطع الأمل من الحكومة البريطانية بشأن إنجاز وعدها والوفاء بعهدها استنادًا على شرف تقاليدها، وها أنا اليوم كما تراني مقيم في إحدى قرى الحجاز معتزلًا عن العالم ومبتعدًا عن كل ما من شأنه أن يوجب الشغب وسوء التفاهم، ولما كان هذا الاعتزال والابتعاد لم يخلصني من أمثال تلك الشوائب فلا شك في أنني أينما ذهبت لا يخلو الأمر من حدوث شيء مما في التبليغات الأخيرة وربما كنت أشد هولًا من موقفي الحالي إذ لا أضمن هياج الشعب العربي وقتئذٍ وحدوث ما لا تحمد عقباه نحو الحليفة وغيرها، ولهذا فإنني لا أرى مندوحة من بقائي في مكاني، وإن شاءت حكومة جلالة الملك فلتبعث بي إلى عالم المريخ فإني مستعد لإنفاذ رأيها في هذه البعثة في أول دقيقة التبليغ أو أنها إذا نسيت ورأت عظمتها لأن تبعث إحدى وسائطها الحربية لتهلكني وعائلتي وخلاص الجميع من هذه الغوائل، ولن أزال أساعد الحكومة الحجازية بمالي الخاص الذي ادخرته لمستقبلي المجهول، لأن من لا خير فيه لوطنه لا يرجى منه الخير لحلفائه وأصدقائه، ولي الشرف أيضًا بكوني ثبت على مبدئي وأخلصت في عملي وقمت بواجباتي، فما علي من غيري فيما إذا لم يف بوعده ولم يقم بإنجاز عهده، ونفذ مطامعه بقوة مدرعاته وبرؤوس حربه، فهناك يكون الحكم لمن غلب، ثم احتج على بريطانيا بأمور وإن ابن سعود قد هاجم شرقي الأردن غير مرة في أواخر العام المنصرم دون أن يكون لحكومة الحجاز أو لحكومة معان أقل دخل فيها.

فماذا لم تعرفه حده لتوقفه عنده، ثم صرح بأنه لم يعترف بالانتداب على البلاد العربية من أساسه، وأنه ما زال يحتج على الحكومة البريطانية التي جعلت فلسطين وطنًا قوميًا ليهود -وشمالي سوريا تحت الانتداب ومأوى للأرمن، وأنه ليعجب من تغافل الحكومة البريطانية عما حل بالحجاز بل بالطائف من السحق