والمحق في الأموال والأنفس والدمار الذي لا يمكن تلافيه إلا بعد عشرات السنين، ثم اهتمامها بمحافظة معان والعقبة الأمر الذي لا يبقى محل لإطالة البحث فيه، ثم قال ولا يمكنني مغادرة العقبة إلا بعد إبلاغي لغوه وبعدئذ أذهب إلى حيث تريد حكومة جلالة الملك بشرط أن يكون محل إقامتي ضمن البلاد العربية وأن لا أكون مسؤولًا عما عساه قد يحدث من شغب أو هياج شعب تطمع نفسه لرفع نير الاستعمار وتجديد النهضة فيما إذا مست الحاج وإلا فإني لا أبرح العقبة ولو أدى الأمر لهلاكي ومحو عائلتي من الوجود.
وقد حاول أصدقائه وابنه عبد الله على أن يقبل الإنذار البريطاني، ولكنه ظل حتى الدقيقة الأخيرة متمسكًا برأيه حتى همس في أذنه أحد رجال شرقي الأردن أنه يجدر به أن لا يكون سببًا في نكبة شرق الأردن، كما كان سببًا في نكبة الحجاز فأذعن وانقاد، ثم أتت مدرعة على أثر ذلك اسمها "دلهي" وكانت أكبر من الأولى في يوم السبت ٧ ذي القعدة، فلما رست في مياه العقبة قبيل الظهر وبعد مضي ١٧ يومًا أبلغه قائد المدرعة البريطانية في يوم الثلاثاء ٢٤ ذي القعدة أن يستعد للسفر إلى الجهة التي اختيرت له في يوم غد وقال له مشافهةً: إذا أبى وقاوم فسيتخذ تدابير أخرى، فطلب الحسين حيفا، أو يافا، فأبرق القائد إلى لندن فجاءه الجواب بذهابه إلى قبرص، ولما طلب إمهال يومين أجبره القائد على السفر يوم الخميس فأجاب بأنه مستعد للسفر إلى المريخ إذا أرادت بريطانيا وما دامت تريد إرساله إلى قبرص فهو لا يعارض لأن المسألة قوة، وإنما طلب إمهاله يومين ليعد فيهما عدة السفر، فلم يمكنه القائد البريطاني وأجبره على السفر في اليوم المذكور وبينما "رضوى" و"الرقمتين" تنتظران لحمله إلى جدة حسب ما طلب إذا بالقائد يلزمه بأن لا عدول عن السفر بالبارجة دلهي المخصصة لركوبه.
ولما كان في صبيحة يوم الأربعاء نزل الحسين بن علي من منزله الذي كان يقيم فيه بالعقبة ومعه حرمه التركية وبنتاه منها وكاتب بسيط كان قد ثبت على خدمته وطاهية وخدمه، ورافقه اللواء جميل باشا الراوي، وعند صعوده إلى الباخرة استقبل