فيها بكل ترحاب وخصص له جناح خاص له ولعائلته، وسارت بهم الباخرة إلى قبرص، وعندما رست الباخرة في ميناء السويس صعد إليها عبد الملك الخطيب معتمده بمصر، وأخوه عبد الحميد وحبيب لطف الله الذي أنعم عليه الحسين من قبل بلقب الإمارة واعتبره أمير هاشميًا واسكندر بك طراد وكيل إدارة أطيانه في مصر فقابلهم رجال الباخرة وحاشية الملك بكل احترام وأبلغوهم أنه آوى إلى فراشه وسيستقبلهم في صباح الغد فناموا، وفي الصباح أقلعت الباخرة وهي تسير الهوينا وتعبر قنال السويس فاستيقظ من نومه وصلى الفجر، ثم دعا بضيوفه لمقابلته، فكان أول كلمة تكلم بها مخاطبًا لهم:
مشيناها خطًا كتبت علينا ... ومن كتبت عليه خطا مشاها
ثم وجه خطابه إلى معتمده بمصر فقال له هكذا شاء أصحابك يعني الإنكليز يا عبد الملك وأنا أعترف أن ذنبي معهم إنما هو عدم تساهلي معهم في أمر المعاهدة التي جاء بها "ناجي الأصيل" وعدم إقراري بوعد بلفور ولأن أضحي بالتاج خير لي من أن يسجل التاريخ تفريطي في شيء من حقوق العرب أو اعترافي بالوطن القومي لليهود في فلسطين، ولكن لا يظن أصحابك أن ما رفضته أن سيقبله عربي واحد في الوجود، ولئن يتم لهم ما يريدون وما أنا إلَّا ضحية بريئة ولقد كنت مخلصًا لهم عندما نصحتهم بالوفاء بتعهداتهم للعرب وتنفيذ مقررات النهضة ولكن لا يحبون الناصحين يقولون أن وجودي في العقبة هو السبب في عدم التفاهم مع ابن سعود والإنكليز وها أنا ذاهب وسأرى ما يكون.
وهنا أراد السيد عبد الملك أن يعجم عوده: فقال له حقًا يا مولاي ما تقول ولكني أعلم أن الإنكليز كانوا يقولون لنا أن مثلنا معكم كمثل دائن ومدين يقول المدين للدائن خذ هذا القدر الذي أستطيع دفعه لك الآن وانتظر حتى أعطيك الباقي على التراخي، فهلا ترون جلالتكم أننا لو رضينا بذلك وأتبعنا سياسة إيجابية، أما كان خيرًا لنا من اتباع تلك السياسة السلبية التي سلكناها، فأجابه الحسين لا، لا با بني إن التساهل في الحقوق سبب لضياعها، أم زوال الملك فإنه لا