الحكومة الحجازية إلا إذا أمكن التخلص من الملك علي وقطع صلتها بالأشراف نهائيًا، فنصحوا له بأن لا يتكلم بهذا حتى لا يظن أن ابن سعود قد استماله إليه ويظن به أنه يسعى لقلب نظام الحكم.
ولما سافر القناصل المسلمون للعمرة كما قدمنا قلق زملائهم المسيحيون، فأرسل الوكيل الإنكليزي كاتبه الهندي الذي يدين بالإِسلام "منشي المعروف إحسان الله" إلى مكة لأشغال تختص بالحجاج الهنود، فأقام هناك أسبوعًا، وعرج في رجوعه على المقر العالي بالوزيرية، فنزل ضيفًا على السلطان، وكانت المكالمة سرية حاصلها أن الحكومة البريطانية نقلت الحسين من العقبة فلا حاجة إلى أن يرسل ابن سعود حملة لاحتلالها إذ الهدف هو إبعاد الحسين.
وفي هذه السنة قدم ثلاثة وفود من المسلمين، ووفد من المسيحيين، ووفد الإمام ويحيى، ووفد الملك فؤاد الأول صاحب مصر، ووفد إيران، فأما وفد مصر فكان مؤلفًا من الشيخ محمَّد مصطفى المراغي رئيس المحكمة الشرعية العليا في مصر، ومحمد بك عبد الوهاب طلعت سكرتير الملك الخاص، وله غرض غير ما يظهر فإن الخلافة كانت تثقل يومئذٍ بال الملك فؤاد وقلبه فأحب أن يستطلع في أمرها رأي ابن سعود، أما وفد إيران فكان مؤلفًا من سفير مصر وقنصل سوريا العام ولا غرض له سوى البحث في مسائل الطائف والمدينة، وبعد أن زار الوفد مكة وتكلم مع السلطان فيما انتدب له عاد السفير إلى مصر وسافر القنصل "حبيب الله خان" عين الملك إلى المدينة ليتم مهمته.
أما إمام صنعاء يحيى حميد الدين المتوكل على الله فقد بعث برقيتين بواسطة قنصل إيطاليا بجدة، إحداهما للسلطان عبد العزيز والأخرى لعلي يطلب منهما إيقاف القتال واحترام الأراضي المقدسة، وأن يكون واسطة وحكمًا، وكان بعثهما في ٣/ ٤ منها، فأجاب علي وأبى السلطان وكان جوابه: إننا دعونا المسلمين لمؤتمر للبحث في أمر الحجاز، فنرجوا حضور مندوبكم معهم، وكان الموجب لقدوم هذه الوفود إشاعات بشعة تشاع عن ابن سعود، فلثقة العالم الإِسلامي به وبشاعة تلك