وسميت الأسياح لأنها سيوح جارية، وقرى الأسياح هي العين والبرقا والتنومة وخصيبة وحنيظل وأبي الدود والقيصومة، والقصر والبرود وطريف، وهذه الشمالية.
أما الجنوبية فالجعلة والنبقية، وفي الأسياح قصر حصين قوي البناء لأنه بني من الحجر والآجر، ويسمى عندهم بقصر مارد وكان محاطًا بحائط وفيه غرف بجهاته الشمالية، والشرقية، والجنوبية، وله باب من جهة الغرب، وقد كان محكم البناء.
وقد قيل أن سلطان مارد مر بالأسياح حاجًا فلما أن وصل إليها بجنوده، وكان من رجال الدولة العثمانية إذ ذاك وقف على موضع العين الأولى التي تنسب إليه لما رأها ينبع ماؤها، وقد دل عليها وذكرت له إمارات هناك فقال لمن معه من الجنود لقد فاتنا الحج في هذه السنة، ثم أخذ يحتقر العين المذكورة، ثم إنه بنى قصره الذي يقع عنها شرقًا، فلما أن اعتصم بالقصر قطع مواصلته بالدولة وبذل ما عنده من الأموال التي جهزته بها دولته فيما يختص به وتمرد عليها، وبينما هو ذات يوم من الأيام جالس حوالي عينه إذ أقبل أعراب من الضياغم فنزل صبي يغتسل في العين فرآه سلطان مارد؛ وأعجب بحسن صورته فجعل يسأل هل لهذا الصبي من أخت وكان والد ذلك الصبي اسمه عرار، وبين عرار وبين الأمير عمير منافسة ويحسده عرار على الإمارة فتكلم عرار قائلًا نعم إن له لأختًا هي أحسن بنات الحي، ولكنها زوجة لعمير قبل ذلك لعل سلطانًا يقتل عميرًا بصفته عدوه ووعده أن سيزوجوه منه بشرطين.
الأول أن يكيل للأعراب، والثاني بأن لا يقربها إذا جاؤوا بها إليه حتى تغيب مضاهيرهم من خلف قرية الجعلة، ففعل ذلك وأجابهم إلى ما طلبوا فرجع الضياغم إلى حميدان رئيس قبيلة الضياغم وأخبروه الخبر، وكان حميدان أخرس ومن شجعان العرب المشاهير، وخالًا لزوجة عمير فلما بلغه الخبر جعل يشير بيده حتى تكلم بكلمة فهمت منه وهي قوله (ميثا لا) يريد لا نزوجه ميثا؛ فقام الضياغم