بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥]، ولقد كان من فضل الله علينا وعلى الناس أن ساد السكون والأمن في الحجاز من أقصاه إلى أقصاه بعد هذه المدة الطويلة التي ذاق الناس فيها ضر الحياة وأتعابها ولما منَّ الله بما منَّ من الفتح السلمي الذي كنا ننتظره ونتوخاه أعلنت العفو العام عن جميع الجرائم السياسية في البلاد، وأما الجرائم الأخرى فقد أحلت أمرها للقضاء الشرعي لينظر بما تقتضيه المصلحة الشرعية في العفو، وإني أبشركم بحول الله وقوته أن بلد الله الحرام في إقبال وخير وأمن وراحة، وإنني إن شاء الله تعالى سأبذل جهدي فيما يؤمن البلاد المقدسة ويجلب الراحة والاطمئنان لها، لقد مضى يوم القول ووصلنا إلى يوم البدء في العمل فأوصيكم ونفسي بتقوى الله واتباع مرضاته والحث على طاعته فإنه من تمسك بالله كفاه ومن عاداه والعياذ بالله باء بالخيبة والخذلان، إن لكم علينا حقوقًا، ولنا عليكم حقوق، فمن حقوقكم علينا النصح لكم في الباطن والظاهر واحترام دمائكم وأعراضكم وأموالكم إلا بحق الشريعة، وحقنا عليكم المناصحة، والمسلم مرآة أخيه، فمن رأى منكم منكرًا في أمر دينه ودنياه فليناصحنا فيه، فإن كان في الدين فالمرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان في أمر الدنيا فالعدل مبذول إن شاء الله للجميع على السواء.
إن البلاد لا يصلحها غير الأمن والسكون لذلك أطلب من الجميع أن يخلدوا للراحة والطمأنينة، وإني أحذر الجميع من نزغات الشياطين والاسترسال وراء الأهواء التي ينتج عنها إفساد الأمن في هذه الديار فإني لا أراعي في هذا الباب صغيرًا ولا كبيرًا وليحذر كل إنسان أن تكون العبرة فيه لغيره، هذا ما يتعلق بأمر اليوم الحاضر، وأما مستقبل البلد فلا بد لتقريره في مؤتمر يشترك المسلمون فينا فيه مع أهل الحجاز لينظروا في مستقبل الحجاز ومصالحها، وإني أسأل الله أن يعيننا جميعًا ويوفقنا لما فيه الخير والسداد، وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم.
تحريرًا بجدة في ٨ جمادى الثانية سنة ١٣٤٤ هـ
عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود
لقد دعا جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن لتقرير مصير الحجاز العالم