وتتمازج في ظلالها اخضرار البرسيم وأنواع البقول، وهناك عيون عذبة، ونشاط في العمران والتقدم، وقد كانت تلك الجهات تدعى اليمامة فيما مضى من الأزمان.
واختلف في تسمينها اليمامة واشتقاقها، فقل الأصمعي اليمام ضرب من الحمام البري واحدته يمامة وتنسب إليها زرقاء اليمامة مضافة إليها؛ وهي امرأة من طسم كانت متزوجة في جديس، فبهذا تبين أنها في الزمن القديم مساكن طسم وجديس والعماليق، وقاعدتها حجر اليمامة، وقد قيل في تسمية طويق الجبل المشهور أنه تصغيرة طوق ويسمى طوق اليمامة، وجو اليمامة وهو الوقع شرقي الأكثبة الحمر مما يلي المزاحمية.
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى خرجت بنو حنيفة بن لجيم بن صغب بن على بن بكر بن وائل يتبعون الريف وبرتادون الكلاء حتى قاربوا اليمامة على السمت الذي كانت عبد القيس سلكته لا قدمت البحرين، فخرج عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدئل بن حنيفة منتجعا بأهله وماله يتبع مواقع القطر حتى هجم على اليمامة فنزل موضعًا يقال له قارات الجبل، وهو من حجر على مسافة يوم وليلة فأقام بها أيامًا ومعه جار له من اليمن من سعد العشيرة، ثم من بني زبيد فخرج راعي عبيد حتى أتى قاع حجر فرأى القصور والنخل، وأرضا عرف أن لها شأنًا وهي التي كانت لطسم وجديس، فرجع الراعي حتى أتى عبيدًا فقال والله إني رأيت آطامًا طوالًا وأشجارًا حسانًا، هذا حملها وأتى بالتمر معه مما وجده منتشرًا تحت النخيل فتناول منه عبيد وأكل، وقال والله هذا طعام طيب وأصبح فأمر بجزور فنحرت، ثم قال لبنيه وغلمانه احتروا حتى أتيكم، وركب فرسه وأردف الغلام خلفه وأخذ رمحه حتى أتى حجرًا فلما رأها لم يحل عنها وعرف أنها أرض لها شأن فوضع رمحه في الأرض ثم دفع الفرس واحتجر ثلاثين قصرًا وثلاثين حديقة وسماها حجرًا وكان تسمى حجر اليمامة بعد حجر عبيد لها فقال في ذلك:
حللنا بدار كان فيها أنيسها ... فبادوا وحلوا ذات شيد حصونها
فصاروا قطينا للفلاة بغربة ... رميما وصرنا في الديار قطينها