[التوبة: ١٠٥]، إن شفقتي عليكم وعلى ما من الله به علينا، وخوفي من تحذيره سبحانه وتعالى بقوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرعد: ١١]، كل هذا دعاني لأن أجمعكم في هذا المكان لتذكروا:
أولاً: ما أنعم الله به علينا فنرى ما يجب عمله لشكران هذه النعمة.
وثانياً: لأمرٍ بدا في نفسي وهو أنني خشيت أن يكون في صدر أحد شيء يشكوه مني أو من أحد نوابي وأمرائي بإساءة كانت عليه أو بمنعه حقاً من حقوقه، فأردت أن أعرف ذلك منكم لأخرج أمام الله بمعذرةٍ من ذلك وأكون قد أديت ما علي من واجب.
وثالثاً: لأسألكم عما في خواطركم وما لديكم من الآراء، ومما ترونه يصلحكم في أمر دينكم ودنياكم.
أيها الإخوان: إن القوة لله جميعاً وكلكم يذكر أنني يوم خرجت عليكم كنتم فرقاً وأحزاباً يقتل بعضكم بعضاً، وينهب بعضكم بعضاً، وجميع من ولاه الله أمركم من عربي أو أجنبى كانوا يدسون لكم الدسائس لتفريق كلمتكم وإضعاف قوتكم لذهاب أمركم، ويوم خرجت كنت محل الضعف وليس لي من عضد وساعد إلى الله وحده، ولا أملك من القوة إلى أربعين رجلاً تعلمونهم ولا أريد أن أقص عليكم ما من الله به علي من فتوح ولا بما فعلت من أعمال معكم كانت لخيركم، إن تاريخ ذلك منقوش في صدر كل واحد منكم وأنتم تعلمون جميعاً وكما قيل:
"السيرة تبين السريرة" إنني لم أجمعكم اليوم في هذا المكان خوفاً أو رهباً من أحد منكم، فقد كنت وحدي من قبل وليس لي مساعد إلا الله فما باليت الجموع والله هو الذي نصرني وإنما جمعتكم كما قلت لكم خوفاً من ربي ومخافة من نفسي أن يصيبها زهو أو استكبار، جمعتكم هنا في هذا المكان لأمر واحد ولا أجيز لأحد أن يتكلم في غيره، ذلك هو النظر في أمر شخصي وحدي فيجب أن تجتنبوا في هذا المجلس الشذوذ عن هذا الموضوع أما الأشياء الخارجة عن هذا فسأعين لكم اجتماعات خاصة وعامة ننظر فيها، أريد منكم أن تنظروا أولاً فيمن يتولى أمركم