للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجرت واقعة المليداء وتمكن ابن رشيد أخذ المترجم أولاده وأهله وذهب إلى الكويت فاستقر بها بعد شد ورحيل في الصحراء، ثم لما أظهر الله نجله عبد العزيز موضع الإكرام والاحترام فيها لما قام بذلك النجل من البر والصلة والاحتشام فعاش بخير ومرجعًا لنجله في المشورة بعدما تنازل له نجله عن الملك ليكون هو الحاكم في نجد فأبى واختار أن يكون والدًا حنونًا يكرم العلماء ويوقرهم ويقربهم وكان عفيفًا كريمًا غيورًا شجاعًا قويًا وكهفًا منيعًا لأهل الدين وقد أسلفنا شيئًا من ترجمته وكان يربي أنجاله ويهذب أخلاقهم ويعلمهم العلوم الدينية ويحرص على تقدمهم وها قد حصلوا على ما كان يطلب، وقد امتدحه الشعراء بالقصيد وأثنوا عليه فمن ذلك ما قاله الشيخ سليمان بن سحمان رحمة الله عليه تهنئة له بالنصر على ابن متعب لما انتهز فرصة غياب صاحب الجلالة فسطى العدو على الرياض وثار عليه أهل الرياض بقيادة الإمام عبد الرحمن وهي هذه:

فيا نجل سادات الملوك ذوي التقى ... ومن فاق في جود أطيد وفي مجد

عليك بشكر الله والحمد والثنا ... وإظهار دين الله جهرًا على عمد

ملكت فأسجح وأبذل العفو والندى ... فبالعدل تنجو في غد نائل القصد

لقد كنت يا شمس البلاد مسددًا ... ورأيك محمود وعقباك للحمد

فلا زلت وطاء على هامة العداء ... لك النقض والإبرام في الحل والعقد

ولا زلت مسرور الفؤاد مؤيدا ... وضدك في كبت وكمت وفي ضهد

وقال أيضًا الشاعر حسين بن علي بن نفيسة يهنئه لما عاد إلى الرياض بعد مبارحتها مدة طويلة ويذكره مآثره وأخلاقه السامية:

خليلي شدا اليعملات لرحلة ... كرحلة بيت الله لطالب النجا

ولا ترفقا في السير بورك فيكما ... بعقب كما حثا المطايا لتدلجا

إلى عابد الرحمن جرثومة الهدى ... وحصن اللجا منجي الركاب على الوجه

وهنا إمام المسلمين بمنزل ... بأرجائه المعروف والدين والرجا

سمام العدى إن ألمم البأس في المدى ... وفي الأمن للمنتاب يحظى بما رجا