أو ثلاثة طاوين من الجوع فجعلوا يتراجعون كل واحد يلح على الثاني أن ينزل من بعيره فيذبحها ليأكلوها فلم يستطيعوا ذلك خوفًا من سطوة الوالي، ولما ألحوا على أحدهم قال دعوها فإن عبد العزيز بن محمد يرعاها وتركوها وهم في أشد الحاجة إليها، وقال تعالى ممتنًا على عباده بالأمن:{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[الأنفال: ٢٦]، ثم قال شاعرنا محذرًا عاقبة البغي ومنوها بمآثر صاحب الجلالة الملك عبد العزيز:
فيوماك يوم بالمواهب ماطر ... ويوم به الأسياف يرعفن بالدما
فكم ناكث أهوى لسيفك ساجدا ... ولم يك ذا ظهر ولا متيما
وإن أمير المؤمنين لكافل ... لباغي الهدى التعليم حتى يفهما
ومن لا يرد إلا الشقاق فإنه ... كفيل له أن يجعل السوط مخدما
فلا يغترر قوم رفعت جدودهم ... وأوليتهم من سيب جدواك أنعمًا
فكم شرق بعد الزلال وغصة ... تذيق العدى من جرعة الموت علقما
ومن ثاور الأسد الضواري جعلنه ... لأشبالها تحت الأظافر مطعما
ومن سل سيف البغي أصبح حتفه ... بشفرة ما قد سل أو سهم مارما
وكم قادح نارًا فكان وقودها ... إذا حسه منها شواظ تندما
وفيها صدرت أوامر جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بإجراء عمارة عموم المسجد الحرام داخلًا وخارجًا على حسابه الخاص وعهد بتلك العمارة إلى حضرة الشيخ عبد الله الدهلوي الذي قد عمل عدة سنين في عمارة عين زبيدة وظهر من أحسن أعماله ما دفع جلالة الملك إلى أن يعهد إليه بعمارة المسجد الحرام فقام عبد الله الدهلوي بتحضير اللوازم واستعان ببعض رجال العمل من هيئة عين زبيدة وابتدأ العمل في مستهل جمادى الأولى من هذه السنة فرمم عموم فرش أروقة المسجد الحرام من جهاته الأربع مع زيادتي دار الندوة وباب إبراهيم وعموم المماشي والفرش الحجري الذي عليه المقامات الأربعة حول مدار المطاف وعموم