السامي بالعفو عن الدويش وابنه (١) واشترط عليه أن يسلم ابنه حالًا وأن يبقى هو بالأرطاوية حتى يشفي من جراحه ثم يسلم نفسه وأن لا تكون له علاقة ما بعد الآن بقبيلة مطير، فرضي الدويش واستسلم ابنه عبد العزيز فسلّم نفسه إلى ابن سعود، وظل فيصل الدويش المثخن بالجراح يعالجه طبيب ابن سعود الخاص يعنى بأمره ويسهر عليه.
أما سلطان بن بجاد فإنه لما علم بعفو ابن سعود عن زميله، وأن سيد الجزيرة قد منَّ عليه استسلم هو إلى ابن سعود وبعث إليه بكتاب يستأذنه فيه بأن يسمح له بمقابلته، وليصنع به بعد ما يشاء، فأجابه ابن سعود بأن الجنود حانقون عليه ومتبرمون، ويخشى إن قدم عليه أن يناله منهم مكروه، فإن كان صادقًا في طلبه وكلامه فليمض إلى شقراء أو ليسر إلى الرياض فيسلم نفسه لحاكمها، فذهب ابن بجاد إلى شقراء وسلم نفسه، فأمر ابن سعود أن يسجن لأنه كان خطرًا على الأمن العام ويخشى انتفاضه، لأنه قد طالما كابد منه ومن أمثاله نكث العهود وتمزيق المواثيق، ففي إطلاقه ومنحه الحرية تمهيد للعبث والفتنة من جديد، فرأى أن يبقيه معتقلًا اكتفاء لشره حتى يتوب، وقد كفانا فعل زميله، فقضى في السجن بقية حياته رحمه الله تعالى، ثم مضى بعد ذلك ابن سعود إلى الحجاز للحج.
(١) سيأتي في الجزء الخامس في ترجمة الملك عبد العزيز لما ذكرنا أخلاقه ومعاملته لأعدائه قصة عجيبة في معاهدة الدويش لما استجار بابن سعود وانطرح بين يديه تشفع له نسائه وأطفاله، وكيف عامله الله بنقيض قصده وهي حالة مزعجة، نسأل الله العافية، فعلى من عاهد بالله وأطعا به أن يفي بالعهد لأن لا يحيق به مكره لأن الله تعالى قال: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)} [الإسراء: ٣٤]، ويقول - صلى الله عليه وسلم - عن الله تبارك وتعالى: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه، رجلٌ أعطى بي ثم غدر .... الخ.