والأرض وجعلت السهام السعودية تسدد إلى العدو فما تقع إلا على لحم فما كان إلا نصف ساعة حتى صارت الهزيمة على الدويش وأتباعه فولوا الأدبار منهزمين لا يلوي أحد على أحد بعد ما كادت القوات تحصدهم حصدًا، وأراد الجيش الباسل السعودي المنصور أن يلتهم العدو التهامًا وأن يتتبع الفارين فمنع صاحب الجلالة من ذلك تأدبًا مع الشريعة في قتال البغاة، وولى سلطان بن بجاد ناجيًا بنفسه ويصيح للمنهزمين بالفرار، وتقدم "صالح بن محمد المردسي" حامل راية أهل بريدة بأمر الأمير لجيشها وقائد غزاتها حمود بن صالح بن مشيقح فنصبت الراية بين خيام العدو، وقد ظن صاحب الجلالة أن هذه الضربة قاضية على العدو.
وكان "رقبان" سيف ابن سعود لما ضرب رجلًا من العدو على عنقه نفذه السيف كلمح البصر والرأس في مكانه فظن ابن سعود أن الضربة أخطاته فرفع السيف وقبل أن يهوي به انتفض القتيل وسقط الرأس لكنه لما ضربه أخرى مرادفة بعد سقوط الرأس عن جسمه قدته نصفين وشطرت القلب شطرين، وقد أبيد معظم البغاة.
ولما فر القائدان فيصل الدويش وسلطان بن بجاد قصدا الأرطاوية ثم رأى الفارون منهم أن لا ملجأ لهم من ابن سعود بعد الله إلا إليه وهم رءوس الشر والفتنة فكتبوا إليه يطلبون العفو والأمان ويذكرونه بماضيهم الجميل وبعثوا إليه يستعطفونه ويتوسلون فأجابهم ابن سعود بأنه لا ينكر ماضيهم الجميل ولا ينسى حاضرهم القبيح وذكر لهم أنه عفو كريم ولا سيما عند القدرة على أخذهم ومحو آثارهم وسيكل أمر عملهم إلى الشرع الشريف.
ولما جاءهم الجواب خافوا على أنفسهم كما قيل "أسأت لي فاستوحشت منى" فبعث الدويش وابنه النساء والأطفال إلى ابن سعود في مقره بالسبلة مستشفعين مستعطفين ولما أن وصل النساء والذرية في صباح اليوم العشرين من شوال إلى مقر ابن سعود في بكاء وعويل رق قلبه لهم ولم يتمالك نفسه من البكاء فأصدر أمره