فلم يأته جوابه بل رأى جموع الأشقياء مستعدة للقتال، أين الدويش أين الجواب تالله إنها لحالة مزعجة فعند ذلك أمر ابن سعود جنوده بالاستعداد وعبأ جيوشه ونشر راياته المنصورة فوثب هو إلى فرسه وتقلد بندقيته وشد على وسطه حزامه وتمنطق بسيفه المشهور "رقبان" الذي مزق به كل خصومه، وجمع جنوده ورتبهم ترتيبًا عسكريًا فجعلهم صفًا واحدًا على مسافة طولها ثلاث ساعات، وأما الخيالة فقد قسمهم قسمين قسمًا جعله جناحًا أيسر تحت قيادة أخيه البطل الشجاع محمد بن عبد الرحمن وقسمًا آخر جناحًا أيمن وجعله تحت قيادة ابنه الليث الباسل سعود وأشار إليهما أن لا يدخلا المعركة إلا بأمر منه، أما هو فقد وضع نفسه في القلب وحوله أبناؤه الصناديد المغاوير وأبناء اخوته والأمراء من آل سعود والمماليك.
وكان ترتيب العصاة كذلك خط طويل عليه جنودهم وجناحان للخيالة وقد عزموا على أن لا تردد غير أنه ما ثم إلا الواقعة ثم يظفرون، ولمن سواهم سيغلبون، ولمن في وجوههم سيقهرون وامتلأت تلك الصدور من الأماني وهيئوا الأسلحة التي بزعمهم القواضي، فلما كان في الساعة الأولى من صباح يوم السبت الموافق ١٩ شوال برز ابن سعود على "الصوتية" أحب أفراسه إليه يختال في السير بين الصفين "ورقبان" الصمصامة يهتز في يده ثم تراجع بفرسه خطوات ثم تقدم ثم تأخر ثم صاح بها صيحة الحرب المدوية فإذا "بالصوتية" كالبرق وخلفها الأبطال آل سعود المقدمين على خيولهم العربية الكريمة يطيرون، وكان قد عزم على أن يتولى القيادة، ولما رأى أبناء الملك واخوته وأسرته أنه يريد أن يخوض المعركة بنفسه لم يقدروا على مصارحته ثم اجتمعوا وبكوا أمامه وإنهم سيكفونه ذلك إن شاء الله فذهب إلى ربوة وأحرم بركعتين، وهجم الجيش السعودي خلف القائد العام فالتحمت المعركة ووصلت في الدقيقة العاشرة وقد حمى الوطيس واستعرت الحرب وثبت العصاة للوثبة الأولى ولم ينكسر صفهم المتماسك ثم صاح الجيش السعودي صيحة أخرى أشد دويًا وهولًا وأعظم رعبًا من الأولى وجالت قواد الجيش السعودي في الميدان فجعلت بنادق الجيش السعودي وسلاحه تفلق الهام وتطيح الرءوس وتسيل الأرواح في وقت أظلم فيه الجو وطاشت سهام العدو بين السماء