للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي طريقهم ذلك قيل لهم أن أحياء من العوازم نازلون على ماء يقال له "رضي" فطمعوا في أخذهم وسلب أموالهم، فساروا إليهم وصبحوهم وهم غادون لا يعلمون بما بيتوا لهم من المكر، فثارت العوازم في وجوههم مدافعين عن الأنفس والأهل والمال فأعملوا في الدويش والعجمان الرصاص والسيوف والسكاكين وعمد البيوت والحجارة، وأنزل الله عليهم النصر من السماء فقتلوا أهل الرايات وهزمهم العوازم شر هزيمة لا ينمحي عارها، لأنهم يرون أن العوازم لا يكافئونهم في الشرف والشجاعة، وما النصر إلا من عند الله.

ولما أن كان بعد مدة يسيرة لا تزيد على شهرين أعادوا الكرة على العوازم، وليستعيدوا شرفهم وسمعتهم وهيبتهم، فجمعوا فلولهم، وكانت العوازم تترقب غزوهم فاجتمعوا على ماء يدعى "نقير" وسار إليهم العجمان والدويش وابن مشهور، فالتقوا على ذلك الماء وجرت واقعة هزم فيها الدويش والعجمان وأتباعهم شر هزيمة، وقتل كثير من رجالهم وعادوا خائبين.

وفي هذه الآونة قتل الشيخ عبد الرحمن بن صعب، قتله جماعة ابن مطيوي، وهذه ترجمته:

هو الشيخ العالم القاضي أبو سليمان عبد الرحمن بن عبد العزيز بن الشيخ صعب آل تويجري وآل تويجر من عنزة يسكنون الجمعة، ثم تفرقوا إلى سائر البلدان، وفيهم كتاب وعلماء وأدباء رحمه الله تعالى وعفى عنه، ويلقب "دحيم"، كان المترجم مربوع القامة وجميل الصورة جدًا، أبيض اللون مشربًا بالحمرة، حسنًا حليمًا محببًا إلى الناس، ولد في سنة ألف وثلاثمائة وأربع عشرة، وتوفى عن عمر يناهز الثالث والثلاثين، وكان من خيرة تلامذة الشيخ عمر بن محمد بن سليم، وقد لازمه في الحضر والسفر، وله همة في طلب العلم النافع السعي في تحصيله، ولديه كتب كثيرة قد استحصلها، وكان جهوري الصوت، حسن القراءة إذا أخذ في القراءة، وددت أن لا يسكت لفصاحته وجودة لفظه وتولى قضاء إحدى الجهات الحجازية، وكان قتله غيلة، نسأل الله العافية، وكان مسكنه في مدينة بريدة.