اتصال تام فيما بين مكة ومقره، فيتحمل السلطان تلك الفعال على مضض وينزل على رأيهم اتقاء الفتنة.
ومن العجائب كونهم لا يهابون الموت، بل يندفعون إليه اندفاعًا طلبًا للشهادة، وأصبحت الأم حينما تودع ابنها تودعه بهذه الكلمات "الله يجمعنا وإياك في الجنة".
أما الآلة اللاسلكية التي جعلت للمخابرات والتليفونات فقد كانوا لا يعرفون عنها إلا أنها أبالسة وشياطين، وليس العجب من شأنهم وجهلهم، بل كان بعض العلماء الذين قلت بضاعتهم من العلم ينكرها نهجهم، فقد ذكر حافظ وهبة ما سأذكره، قال:
أوفدني جلالة الملك للمدينة ١٣٤٦ هـ-١٩٢٨ م مع عالم من علماء نجد للتفتيش الإداري والديني، فجرى ذكر التلغراف اللاسلكي وما يتصل به من المستحدثات، فقال العالم: لا شك أن هذه الأشياء ناشئة من استخدام الجن، وقد أخبره ثقةً أن التلغراف اللاسلكي لا يشتغل إلا بعد أن تذبح عنده ذبيحة ويذكر عليها اسم الشيطان، ثم أخذ يذكر لي بعض القصص عن استخدام بني آدم للشيطان، ولقد كان شرحي لنظرية التلغراف اللاسلكي وتاريخ استكشافه ليس له نصيب من إقناع الشيخ، فلم أجد أي فائدة من وراء البحث، فسكتت على مضض، وفي يوم من الأيام دعاني الشيخ لمرافقته لزيارة قبر حمزة عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند جبل أحد، وهو يبعد عن المدينة بالسيارة نحو نصف ساعة، فلبيت الدعوة وسرنا من المدينة بعد صلاة العصر، وفي أثناء الطريق أوقفت السيارة عند محطة التلغراف اللاسلكي، وهنا دار بين وبينه الحديث التالي:
سأل الشيخ لماذا أوقفت السيارة؟ فأجبته لنرى التلغراف اللاسلكي فإن كان هنا لك ذبائح ودعوة لغير الله فإني سأحرقه مهما كانت النتيجة، فالدين لله لا لابن سعود، وقد يكون الملك مخدوعًا في أمر هذه التلغرافات، وتذكر له الأشياء على غير حقيقتها، فقال الشيخ: بارك الله فيك، فدخلت المحطة وبعد البحث لم يجد الشيخ أي أثر لعظام الذبائح وقرونها أو صوفها، ثم أراه العامل طريقة المخابرة، وفي دقائق تبودلت المخابرات والتحيات بينه وبين جلالة الملك في جدة.